فهرس الشبهات الإمامية والرد عليها, أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر

1 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر الذي لا يجد ناظر بد من أن يعود إلى كبار علماء الإمامية في أزمانهم كالشيخ الصدوق أو المفيد أو غيرهما بعدم الوثاقة

🟦 * (1) أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر الذي لا يجد ناظرٌ بدّ من أن يعودَ إلى كبار عُلماء الإمامية في أزمانهم كالشيخ الصدوق أو المفيد أو غيرهما بعدم الوثاقة؟!

الفطحيّة كانت كالاثني عشرية كانت تُنازع الاختلاق والاصطناع بعد موت الإمام الحسن العسكريّ -عليه السلام- سنة (260هـ)؛ وذلك الزمان هو زمان اختلاق النص على الاثني عشر في أواخر القرن الثالث بدايات القرن الرابع؛ والفطحية منهم مَن كان يؤمن بالاثني عشر ويضيفون إليهم عبد الله الأفطح في البين بينَ الصّادق والكاظم كإمامٍ ثالث عشر؛ وفي زمن الاختلاق الذي أشرنا إليه -قريبًا- فإن حضور اختلاق خبر الثلاثة عشر كان أكثر حضورًا من خبر الاثني عشر؛ حتّى نشط من يؤمن بالاثني عشر في الاختلاق؛ ثمّ لما هيمَنوا بانقراض الفطحيّة في الأخبار التي تزايدَت فيما بعد؛ فإنّ خبر الثلاثة عشر أصبحَ هُو الشاذّ؛ وأصبحَ أييسر ما يتكلّم به الاثنا عشريّ بأنه خبرٌ مُحرّفٌ مٌصحَّفٌ؛ ونحنُ في هذه المادّة سنقدّم للباحث التعدديّة المصدريّة في مصادر ما بعد الغيبَة لخبر الثلاثة عشر ليتبين أصالته لا أنّه محرّف؛ وعندما نقولُ أصالته فذلك ناظرٌ إلى ما بعد الغيبة فأمّا ما قبل الغيبَة فلا أصالَة بل ولا مجرّد ذكرٍ يُطمئنُّ إليه في المصادر الإمامية بل ولا في الذهنية العلمائية لكبار أصحابهم؛ فيتنبّه ناظرٌ إلى كبروية هذا الطرح وهو أنّ الاختلاق حاصلٌ في خبر الاثني عشر كما أنّه كان حاصلاً في خبر الثلاثة عشر؛ وأنّ الدّعوى المذهبيّة كانت هي العاملة؛ سواء قلنا دعوى مذهبيّة للفطحيّة أو دعوى مذهبية ممن قال بأنّه هناك إمامٌ بعد محمد بن الحسن العسكريّ، أو غير ذلك؛ ثم كبرويّةٌ أخرى وهي أنّ التحريف كانَ في مصادر كبار علماء الإمامية وأنّهم المتهمون به في مصادر أصحابهم، وها فيرفع الوثاقة ويضع أمام الباحث أنّ تراثًا لأعلام بني الحسين -عليهم السلام- قد طاله التحريف المهبي داخل التراث الإمامي ليتوافق وما تعتقده الإمامية في النصوص …

🟦– أولًا: رواية الكليني صحيحة الطريق عنده، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُورِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ -عليه السلام-؛ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: ((إِنِّي وَ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ زِرُّ الْأَرْضِ يَعْنِي أَوْتَادَهَا وَ جِبَالَهَا بِنَا أَوْتَدَ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي سَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ لَمْ يُنْظَرُوا) [الكافي:1/534].

🟥– الوقفة الأولى مع الرواية الأولى: أكدت الرواية في صدرها وآخرها على أن الأئمة ثلاثة عشر؛ قوله: ((وَ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ)) ثمّ في آخرها: ((فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي))؛ فليس الاثنا عشر من ولد رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- بل هم أحد عشر وعليٌّ الثّاني عشر؛ فالرواية تشيرُ إلى ثلاثة عشر إمامًا.

🟥– الوقفة الثّانية: بدأ التحريف في رواية الشيخ الطوسي في كتابه (الغيبة) في صدر الخبر ونسي صاحب التحريف آخر الخبر؛ فيروي الطوسي -بسندٍ غالبه رجال الكليني-، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُرِيِ‌، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ‌، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‌: ((إِنِّي وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ زِرُّ الْأَرْضِ أَعْنِي أَوْتَادَهَا وَ جِبَالَهَا بِنَا أَوْتَدَ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي سَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ لَمْ يُنْظَرُوا)) [الغيبة:139]؛ فأول الخبر: ((وأحد عشر من ولدي وأنت يا علي)) فهؤلاء اثني عشر؛ ثمّ آخر الخبر بنفس خبر الكليني السابق: ((فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي)) ؛ فهؤلاء ثلاثة عشر مع أمير المؤمنين -عليه السلام-؛ فيد التحريف قد عمدت إلى النص ليتوافق وعقيدة الاثني عشريّة.

🟥– الوقفة الثالثة: في أصل (أبي سعيد العُصفري) المطبوع مع الأصول الستة عشر؛ من نسخ الوجادة؛ الذي لا يُعلم أنّه هو نسخة أبي سعيد العُصفري، والذي يطرقه الاحتمال: هل أُثرَ في كُتب الفهارس أنّ لأبي سعيد العُصفري أصلٌ؛ ثم قام أحدُ المتأخرين يتبرّع ويجمع أخبار أبي سعيد ليجمعَه في هذه النسَخة التي وقف عليها المتأخرون من الإمامية؛ إلى جانب أن راوي أصل أبي سعيد العصفري هو أحد مُعاصري ما بعد الغيبة وهُو أبو سمينة -وهو من أكبر الكذابين عند الإمامية-؛ فالخبرُ جاء في هذا الأصل بتحريف طرَفي الخبر صدرِه وآخره: عن عمرو، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (ع)؛ قال: قال رسول الله (ص): ((إني وأحد عشر من ولدي وانت يا علي زر الأرض اعني اوتادها جبالها و وقال وتد الله الأرض أن تسيخ باهلها؛ فإذا ذهب الأحد عشر من ولدي ساخت الأرض باهلها ولم ينظروا)) [الأصول الستة عشر:16].

🟥– الوقفة الرابعة: أن البعض أصبح يُعكّسُ فيجعل خبر الوجادة هو المفسّرُ المبينُ وأنّ التحريف قد وقعَ في رواية الكليني والطّوسي، وهذا تضعّف ونزولٌ في الاستقراء من الضعيف في الطريق إلى المُسند الثابتِ في الكُتب المروية لأصحابها المشهورة بين الإمامية -أعني الكافي والغيبة-؛ فأينَ المُرجِّحُ والمُرجَّحُ عليه هل رواية الكليني في الكافي والذي ترى الإمامية أن أحد مصادره أصل العُصفري، ثم كتاب الكافي محل عناية لفقهاء الإمامية، أم رواية الوجادة لذلك الأصل؟! فكيفَ لو اتّحدَت رواية الطوسي والكليني في جزء من الرواية خالفَت على جزءٍ من رواية وجادة العُصفري؛ بل إن هذا يقود الباحث إلى أن يضع أمام ناظره أنّ أصل العصفري قد جُمعَ في وقتٍ متأخّر وأنّ يد التحريف قد نالته كما نالت يد التحريف صدر رواية غيبة الطوسي؛ وإلا لزم التشكيك في أصالة الكافي في الأمانة وهو ينقل عن الأصول؛ ولكن كيف وقد شاركه الشيخ الطوسي في آخر الرواية؟! فأمّا المجلسي فإنّه عندما ذكر أصل العصفري كوجادةٍ فإنّه قال: (( ولعل أخباره تصلح للتأييد)) [بحار الأنوار:1/44]؛ فمرتبة هذا الأصل لا يُرجّحُ بها ولا يُتأيّدُ بها أمام مثل الكافي والغيبة والطوسي؛ فذلك تأييدٌ من الأدنى إلى الأعلى في الثبوت والإسناد؟!

🟥– الوقفة الخامسة: يؤيد ما سبَق ما ستقفُ عليه في الرواية الثانية من أخبار الثلاثة عشر إمامًا وستقفُ فيها على أن الكتب المُسندة الإمامية والتي هي محل شهرة عند الإمامية قد خالفت أصل العُصفري بما سيؤدّي إلى ذات النتيجة من أن هذا الأصل قد جُمع في وقتٍ مُتأخّرٍ واستُخرج بالتعكيسِ من أمثال كتاب الكافي أو كُتب الطوسي وغيره؛ لكن بإعمال التحريف الذي يوافق وعقيدة الاثني عشرية؛ كما وقفتَ على تحريفٍ تامٍّ في رواية الطوسي في الغيبة حيث نقضَ آخر الرواية -في الثلاثة عشر- أولها -في الاثني عشر-، وها ويلحظُ ناظرٌ إلى أننا لا نناقش على موضوع زياداتٍ في الأخبار أو اختصارٍ أو ما قد يجوز في مثله الوهم بين الرواة؛ بل نتكلم عن ألفاظٍ جوهريّةٍ متوجّهةٍ بيّنة في التحريف في الأخبار!

🟦– ثانيًا: رواية الكليني صحيحة الطريق عنده، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ [العصفري] رَفَعَهُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‌: (مِنْ وُلْدِيَ اثْنَا عَشَرَ نَقِيباً نُجَبَاءُ مُحَدَّثُونَ مُفَهَّمُونَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ يَمْلَأُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)) [الكافي:1/534]؛ فالخبر يدل على ثلاثة عشر؛ اثنا عشر من ولد رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- والثالث عشر هو أمير المؤمنين -عليه السلام-.

🟥– الوقفة الأولى مع الرواية الثانية: نجدُ فيها أن نسخة الوجادة لأصل العصفري ضمن الأصول الستة عشر؛ جاء فيها ما يخالف الرواية المسندة في الكتاب المشهور عند أصحابه -الكافي- ففي رواية أصل العصفري: عباد رفعه إلى أبى جعفر (ع) قال قال رسول الله (ص) : ((من ولدي احد عشر نقيبا نجيبا ( نقباء نجباء خ د ) محدثون مفهمون اخرهم القائم بالحق يملأها ( الارض خ د ) عدلا كما ملئت جورا)) [الأصول الستة عشر:15]؛ فأي الخبرين هو المُرجَّحُ في الثبوت؟! رواية الكتاب المُسنَد والمشهور -الكافي- أم رواية الوجادة والمغمور الذي لم يقف عليه إلا المتأخّرون -أصل العصفري-؟! بل يتقوّى لدى الناظر أن هذا التحريف الذي حصل في نسخة الوجادة بما يوافق وعقيدة الاثني عشرية في هذه الرواية إلى جانب التحريف الحاصل في الرواية الأولى؛ فإن النتيجة البحثية تتقوى في أن أصل عباد العصفري الوجادة مجموعٌ على يد أحد المتأخرين لا أنه ذلك الذي كان في زمن الكليني؛ ثم أعمَل المتأخر يد التحريف ليتوافق وقول الاثني عشرية.

🟥-الوقفة الثانية : نسوق فيه قول الشيخ الطوسي في ترجيح الأخبار على- بعضها؛ ليعلم ناظر أن وجادة أصل العُصفري التي وقف عليها المتأخرون لا تصلح بوجه أن تكون حاكمةً أو مبينةً لوجهٍ تحريفٍ وقع فيه الكليني في كتابه –وهذا فيشمل الرواية الأولى-؛ فكيف لو كان أبو سمينة أصلا ليس بثقة لا في إرسالٍ ولا في إسنادٍ؛ قال الطوسي: (وإذا كان أحد الراويين مسندا والاخر مرسلا، نظر في حال المرسل، فان كان ممن يعلم انه لا يرسل الا عن ثقة موثوق به فلا ترجح لخبر غيره على خبره، ولاجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبى عمير، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمد ابن أبى نصر، وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون الا عمن يوثق به وبين ما اسنده غيرهم، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم. فاما إذا انفرد وجب التوقف في خبره إلى أن يدل دليل على وجوب العمل به) [العدة في الأصول:1/154]؛ فأصل العصفري هذا الرواية فيها بتمامها مُنفردَة عن رواية الكليني؛ فكيف وهي وجادة، فكيف وهي عن أكذب الكذابين في زمانه –عند الإمامية- أبي سمينة؛ فيتفقه ناظر أن رواية الكليني مقدمة لا يُحكم عليه برواية الوجادة؛ إلا أن يكون المُوجّه هو القول المذهبي بالاثني عشر فذلك مصادرة لمن كان يعتقدُ في زمانٍ بالثلاثة عشر؛ فالموضوعان مختلفان في أصل الاختلاق!

🟥-الوقفة الثالثة: يتنبّه ناظرٌ إلى أنّنا أمام روايتين في الثلاثة عشر إمامًا -وستأتي البقية- وهذا يُدلّ على أصالة الخبر في الوضع والاختلاق وأن القضية ليست قضية تحريف من قِبل الرواة؛ فإذا تيقّن الناظر ذلك؛ فإنه بذات الأمر يعلم أنّ أصل خبر الاثني عشر الذي ترويه الإمامية كذلك مُختلقٌ لنفس الغاية المذهبية الذي اختلقَها أصحابهم أصحاب النص على الثلاثة عشر لا سيّما وقد اشتركوا في الزمن المتقدّم ما بعد سنة (260هـ) في قلّة المصدريّة التي تذكرُ الخبرَين: خبرُ الاثني عشر، وخبر الثلاثة عشر داخل تراث الإمامية؛ لأن ما هو مروي من طريق المُحدثين -الفرقة السنية- لا يشهدُ أبدًا لقول الإمامية في إمامة الاثني عشر وهذا فقد أثبتناه بتتبعٍ حثيث في كتابنا (الشامل في تأريخ ومدلول خبر الاثني عشر)؛ نعم، فإن الكثرة الكاثرة المصدرية في اختلاق خبر الاثني عشر في كتب الإمامية غنما كانت في مرحلة متأخرة من القرن الرابع ابتدأت هرميًّا وإلى ما بعدها بازدياد حتى ما يكاد يقف ناظرٌ إلا ويظنه من أعظم المعلومات الشرعية وقد رووه عن النواصب والواقفة والفطحية والزيدية وربما الخوارج في تكثّر وضعيٍّ اختلاقيّ رهيبٍ في الزمن الذي كان كبار سلفهم وخواص أئمتهم يجهلونه تمامًا، في الوقت الذي كانت التقية عندهم هي العاملة في غمور خبرهم في الاعتذار، وهذا فقمّة التناقض؛ ففي حقبةٍ بعد الحيرَة كان خبر الثلاث عشر في الاختلاق له أصالةٌ لعلها تفوقُ اختلاق خبر الاثني عشر إذا ما نظرنا إلى الروايات في هذه السلسلة، وإلى أن معظمها قد رواها الكليني.

… يتبع (2)

2 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر
https://wp.me/p3zlyI-4Wx

3 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر
https://wp.me/p3zlyI-4WD

 

أضف تعليق