التصنيف: سير أئمة أهل البيت عليهم السلام
تفضيلِ أمير المؤمنين على أبي بكر وعمر
* يحيى بن آدَم (ت203هـ) -وهُو فمِن رجال الزيديّة وأعلامِهم- ، وأحَد أنصار الإمام محمّد بن إبراهيم طباطبا (ت199هـ) -عليهما السّلام- ؛ يذكرُ مَن يقولُ بتفضيل أمير المؤمنين -عليه السّلام- على سائر الصّحابة ، من أعيانِ السّلف ورُواة الحديث، فيروي ابن عساكر بإسناده، قَال يحيى بن آدم : ((مَا أدرَكتُ أحَدَاً بالكُوفَة إلاّ يُفَضِّلُ عَليّاً يَبدَأ بِه، ومَا أستثني أحَدَاً غَير سُفيان الثّوري)) [تاريخ مدينة دمشق:42/530] .
– فأمّا إسنادُ ابن عساكر، فهُو : ((أخبرنا أبو غالب [أحمَد بن عَلي ابن البنّاء ؛ ثقةٌ] ، وأبو عبد الله ابنا البنا [يحيى بن الحسن ابن البنّاء ، ثقةٌ حافظ] ، قالا: أنا أبو الحسين بن الأبنوسي [محمد بن الأبنوسي التوني، ثقةٌ] ، أنا أحمد بن عبيد الله بن الفضل [أحمد بن عبيد الواسطي، ثقةٌ] إجازةً ، نا محمد بن الحسين [الزّعفراني، ثقةٌ] ، نا ابن أبي خيثمة [أحمد ابن أبي خيثمة، ثقةٌ حافظ] ، قال سمعت يحيى بن معين [ثقةٌ حافظٌ] ، يَقولُ: قَال يحيى بن آدَم : ((مَا أدرَكتُ أحَدَاً بالكُوفَة إلاّ يُفَضِّلُ عَليّاً يَبدَأ بِهِ ومَا أسْتَثني أحَدَاً غَيرَ سُفيَان الثّوري)) [تاريخ مدينة دمشق:42/530] .
– الكلامُ عن تفضيلِ أمير المُؤمنين -عليه السّلام- على أبي بكر وعُمر ؛ لا أنّ الكلامَ حول تفضيل أمير المُؤمنين -عليه السّلام- على عُثمان؛ لمّا كان سفيان الثّوري مقطوعٌ به في كُتب التراجم تفضيلُه لأمير المؤمنين -عليه السّلام- على عثمان ؛ فلا معنى لاستثناء يحيى بن آدم سُفيانَ الثّوري إذا كان سياقُ كلامِه تفضيل أمير المُؤمنين -عليه السّلام- على عثُمان؛ فالكلامُ على تفضيلِه -عليه السّلام- على أبي بكر وعُمر؛ يحكي ذلك عمّن أدركَه من مشايخِ الكُوفيين؛ ويؤكّده بقولِه : ((ما أستثني أحداً)) !. ثمّ سفيان الثّوري هُو الذي اختلفَت حوله الرّوايات في تفضيلِه أمير المؤمنين على أبي بكر وعُمر، وفي تفضيلِهما عليه -عليه السّلام- ، ولهذا المبحثِ مقامٌ آخَر حول سفيان وموقفِه.
– يتأيّدُ كلامُ يحيى بن آدم ، بقولُ عُبيدالله بن موسى العبسيّ (ت219هـ) ؛يحكي عقيدَة جمَاعَةٍ من كبار السّلفِ في القُرون الثّلاثَة المُفضَّلة؛ وإنّما أخصّ القرون الثّلاثة المفضَّلة لمّا وجدتُ البعضَ ينظرُ إليِهم بهالَة التّقديس في معرفَة الحقّ والسُّنَن : ((مَا كَان أحَدٌ يَشكُّ في أنَّ عليّاً أفضَل مِن أبي بَكر وعُمَر)) [تاريخ يحيى بن معين:1/159] .
– ثمّ يتأيّدُ كلامُ يحيى بن آدَم بقولِ معَمر بن راشد الأزديّ، بالسّند السّابق لابن عساكر : ((قَال [محمّد بن الحسين الزّعفراني، ثقةٌ] : ونا ابن أبي خيثمة [أحمد ابن أبي خيثمة، ثقةٌ حافظ] ، نا أحمد بن منصور بن يسَار [الرّمادي ، ثقةٌ حافظٌ] ، نا عبد الرّزاق [الصّنعاني ، ثقةٌ حافظ] ، قال: قَال مَعمَر [الأزدي ، ثقةٌ ثبتٌ] -مَرّةً وأنا مُستقبله- وتَبسَّمَ وَليس مَعنَا أحَدٌ ، قُلتُ: مَا شَأنُك؟!. قَالَ [معمر] : ((عَجبتُ مِنْ أهلِ الكُوفَة؛ كأنّ الكُوفَة إنّمَا بُنيَت على حُبّ عليٍّ؛ مَا كَلّمتٌ أحَداً مِنهُم إلاّ وَجَدتُ المُقتَصِدَ مِنهُم الذي يُفَضِّلُ عليّاً عَلى أبي بكر وعُمر؛ مِنهم سُفيَان الثّوري)) [تاريخ مدينة دمشق:42/530] .
– شُيوخُ يحيى بن آدَم الكوفيّون؛ الذي مدلولُ كلامِه أنّهم كانوا يقولون بتفضيل أمير المؤمنين -عليه السّلام- على أبي بكر وعُمر :
1- إبراهيم بن حُميد الرّؤاسي (ت178هـ) .
2- أبو إسحاق السّبيعي (ت126هـ) .
3- أبو بكر بن عيّاش الأسدي (ت193هـ) .
4- إسرائيل بن يونس ابن أبي إسحاق السّبيعي (ت160هـ) .
5- إسماعيل بن عبدالعزيز العبسي (ت169هـ) .
6- الحسن بن ثابت التّغلبي .
7- الحسن بن صالح الثّوري (ت169هـ) .
8- الحسن بن عيّاش الأسدي (ت179هـ) .
9- الحسين بن علي الجعفي (ت203هـ) .
10- الفضيل بن مرزوق الأغر (ت160هـ) .
11- المسيب بن رافع الأسدي (ت105هـ) .
12- المفضل بن صدقة الحنفي (161هـ) .
13- المفضل بن مهلهل السّعدي (167هـ) .
14- بشر بن سلمان النّهدي .
15- بكر بن خنيس الكوفي .
16- جرير بن عبدالحميد الضّبي (188هـ) .
17- جعفر بن زياد الأحمر (167هـ) .
18- حبيب بن سليم العبسي .
19- حفص بن غياث النّخعي (194هـ) .
20- حماد بن السّائب الكلبي (146هـ) .
21- حمزة بن حبيب الزيّات المقرئ (ت156هـ) .
22- حميد بن عبدالرحمن الرّؤاسي (189هـ) .
23- حنش بن الحارث الكوفي .
24- زكريا ابن أبي زائدة الوادعي (ت147هـ) .
25- زياد بن عبدالله البكائي (183هـ) .
26- سعد بن سنان البرجمي .
27- سفيان بن عيينة الهلالي (ت198هـ) .
28- سلام بن سليم الحنفي (ت179هـ) .
29- سلمة بن رجاء التميمي .
30- شريك بن عبدالله النّخعي القاضي (177هـ) .
31- عبثر بن القاسم الزّبيدي (ت178هـ) .
32- عبدالرحمن ابن الغسيل (ت171هـ) .
33- عبدالرحمن بن حميد الرؤاسي .
34- عبدالرّحمن بن عبدالله المسعودي (ت160هـ) .
35- عبدالسّلام بن حرب الملائي (ت187هـ) .
36- عبدالله بن إدريس الأودي (ت192هـ) .
37- عبد ربه بن نافع الكناني (ت171هـ) .
38- عبدة بن سليمان الكوفي (ت187هـ) .
39- عبيدالله بن عبيدالرحمن الأشجعي (ت182هـ) .
40- عصام بن قدامة البجلي .
41- علي بن صالح الهمداني (ت151هـ) .
42- علي بن هاشم البريدي (ت180هـ) .
43- عمار بن رزيق الضبي (ت159هـ) .
44- عمر بن أبي زائدة الهمداني (ت151هـ) .
45- عيسى بن عبد الرحمن السلمي (ت151هـ).
46- فطر بن خليفة المخزومي (ت151هـ) .
47- قران بن تمام الأسدي (ت181هـ) .
48- قطبة بن عبد العزيز الأسدي .
49 – قيس بن الربيع الأسدي (ت163هـ) .
50- كامل بن العلاء التميمي .
51- مالك بن مغول البجلي (ت159هـ) .
52- مجالد بن سعيد الهمداني (ت144هـ) .
53- محمد بن الفضيل الضبي (ت195هـ) .
54- أبو أحمد محمد بن عبد الله الزبيرى (ت203هـ) .
55- محمد بن كناسة الأسدي (ت207هـ) .
56- معروف بن واصل السعدي .
57- مندل بن علي العنزي (ت167هـ) .
58- منصور بن المعتمر السلمي (ت132هـ) .
59- موسى بن قيس الحضرمي .
60- وكيع بن الجراح الرؤاسي (ت196هـ) .
61- يحيى بن المهلب البجلي .
62- يحيى بن زكريا الهمداني (ت183هـ) .
63- يحيى بن سلمة بن كهيل الحضرمي (ت172هـ) .
64- يزيد بن عبد العزيز الأسدي .
65- يونس بن أبي إسحاق السبيعي (ت152هـ) .
66- وغيرهم .
– نعم، في البحث العلميّ المَنهجيّ أنّ من أخرجَه الدّليل الصّحيح من زُمرة هؤلاء؛ بحيث أثبتَ أنّ منهم مَن يقولُ بتفضيل أبي بكر وعُمر على أمير المؤمنين -عليه السّلام- ، فالدّليل أولى ويُقدَّم، إلاّ أنّ هذا يبقى من يحيى بن آدم مُعارِضَاً فيما لو صحّت الرّواية عن المَخصوصين، ويبقى البقيّة على أصل حكاية يحيى بن آدَم -وغيرِه- ؛ ثمّ وأنتَ الباحثُ الحصيف فإنّ هُناك دُعاةٌ لأقوالِهم وبِدَعِهم من داخل الفرقة السنيّة؛ فمِن هُنا أنت لا بُدّ أن تتنبّه لرواياتِهم عن السّلف من المُحدّثين تفضيلهم أبا بكر وعُمر على أمير المُؤمنين -عليه السّلام- ؛ فجُملة من تلك الرّوايات لا تصحّ عن أولئك السّلف.
– هناك ُمتضعّفون، أو لديهم رؤيةٌ قاصرةٌ لماهيّة إطلاقِ أهل الحَديث، أو المُحدّثين؛ فإنّه لأوّل وهلةٍ يظنّهم سلفٌ لهؤلاءِ الفرقة السنيّة المَعلومَة بمجموعَة اعتقادَات، وهذا خطأٌ منهجيّ كبيرٌ؛ فإنّ أولئك المُحدّثين أو نقلَة الحديث منهُم الشيعة، ومنهُم الأشاعرَة، ومنهُم المُفوّضَة، ومنُهم القدريّة، ومنهُم المُرجئة، ومنهُم مَن هُو مستورٌ، ومنهُم مَن هو مجهولُ القولِ والاعتقاد؛ فمن أينَ أنّ نقلة الحَديث هؤلاء -الرّواة- بجمعِهم؛ هُم سَلفٌ للفرقة السنيّة؟!، ليُقال فيما بعدُ القرون الثّلاثة المُفضّلة!. نعم، أولئك السّلف جماعاتٌ جماعاتٌ في اعتقاداتِهم، إلاّ أنّه لا يجوزُ أن يُنسبَ لهُم كجمعٍ واحدٍ قولٌ كقولِ السلفيّة أو مَنْ يُسمّون أنفسهم الأثريّة. اللالكائي وابن بطّة وغيرهم رووا أخباراً عن بعضٍ من كبار السّلفِ قد يتأيّدون بهم في عقائدِهم السنيّة؛ إلاّ أنّ ذلك لا يخلو من نقاشات؛ إمّا لضعفِ سندٍ، أو قبول التّأويل على ما يُخالفُ قول الفرقة السنيّة، أو حمّال أوجه، أو ليس نصّاً في المقصود، أو مُعارض بروايات وأقوالٍ !.
– إنّ مُحاولة سرقَة السّلف في قولِ واحدٍ، ليُقال هُو قولُ الفرقة السنيّة، أمرٌ في غاية الأهميّة، بحيث يتنبّه له الباحثُ المُتيقّظُ؛ لأنّه إن وجدَ سلفاً للفرقة السنيّة داخل القرون المُتقدّمة؛ فإنّه سيجدُهم مجرّد جماعَةٍ قليلةٍ؛ هذا إذا قد أحرزنَا مطلباً كبرويّاً، وهو تحريرُ ماهيّة مذهب أهل السنّة والجماعة؛ لأنّ هُناك مُتضادّون عقائديّاً كلّهم يرى أحقيّةً بمذهب أهل السنّة والجماعة، أشاعرةٌ، وماتريديّة، وأثريّة تيميّةٌ !.
– هذه لُمعةٌ وإشارةٌ للباحِث، والعُهدَة عليه في التّقصي؛ إذا كان يهتمّ لمثلِ هذا؛ لأنّ باحثين آخَرين قد وقعوا في خطأٍ منهجيٍّ؛ وهُو أنّ مُرادَهم إحرازُ أنّ مذهب أهل البيت -عليهم السّلام- هُو مذهبُ السّلف، يُريدُ مذهب أهل السنّة والجماعة، يُريدُ مذهب أهل الحديث، يريُد مذهب أهل القرون الثّلاثة الأولى المُفضَّلة، في تفضيل أبي بكر وعُمر على أمير المؤمنين -عليه السّلام- ، وهُو بعدُ لم يعرِفَ سَلَفَاً على قولِه، ولا أهل حديثٍ، ولا عترةً.
وفّقكم الله