الواحة العلمية الأسبوعية, سؤال وجواب

الواحة العلمية الأسبوعية الثالثة

الواحة العلمية الأسبوعية الثالثة مواضيع علمية ومطارحات فكرية للباحثين والمهتمين
أجاب عنها :
الأستاذ الكاظم الزيدي .
للتحميل على الميديا فاير
pdf
https://www.mediafire.com/file/c6wvis3qo1ol4i1/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A9.pdf/file

word
https://www.mediafire.com/file/327wbo6l3jzoxks/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A9.docx/file

للتصفح بصيغة الفلاش
https://www.calameo.com/read/006124157f81b9eb1e092

للإطلاع على الواحة الأولى والثانية على الرابط التالي

الواحة العلمية الأسبوعية الأولى

الواحة العلمية الأسبوعية الأولى

الواحة العلمية الأسبوعية الثانية

الواحة العلمية الأسبوعية الثانية

السّؤال الأوّل :

وجدنَا الزيديّة في المُجتمعِ عند القراءة على الميّت -في أيّام العزَاء- يضعون اليدَ على الرأس إذا بلغوا قول الله تعالى من سورة الحشر : ((لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)) [الحشر:21] ؛ فهل لهذا الفعل أصلٌ عن رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله-؛ لأنّنا وجدنا البعض يُنكر هذا الفعل وينسبُه إلى البدعة ؟!.

والجواب :

أنّ وضع اليدّ على الرّأس عند القراءة على الميّت في أيّام العزاء عند الآيَة؛ عمَلٌ عليه عُلماء آل الرّسول -صلوات الله عليه وعليهم- ؛ والوجهُ فيه التصبّر على فِراق الميِّت بطلبِ العون من الله تعالى على ذلك؛ وذلك أنّ أنواع الألَم يحلّ بفقد الأحباب، وفي كتاب الله تعالى شفاءٌ من كلّ داء وألَم، والآية المذكورة رُقيةٌ لذلك ودفعٌ من الله تعالى، وعن الفقيه يوسف -رضوان الله عليه- : ((وجَاء في الحديث الرَّبّاني أنَّ مَنْ قَرأ الحشر من قوله: ((لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ)) وهُو واضع ليده على رأسِه؛ كَان ذلك شِفَاءً مِنْ كُلّ شَيءِ إلاّ السامّ)) [الثمرات اليانعة] وقد أسندَ ذلك الفعلَ العلاّمةُ المقرئ الفاضلُ أحمَد بن مَسعود العَنْسي قال: قَرَأتُ القرآن كلّه على المُقرئ سُليمان بن أبي بكر الحرَازي فلمَّا انتهيتُ لآخر سورة الحَشر قال: ضَعْ يَدكَ عَلى رَأسِكَ، قَال: قُلت: ولِمَ هذا؟!. قَال: قَرَأتُ على المُقرئ الفاضِلِ فَخر اليمن محمد بن إدريس فقال لي كَذلك .. [حتّى بلغ بإسنادِه مُسلسلاً بهذا الفِعل وضعِ اليد على الرّأس] … ، قَرأتُ عَلى حمزة بن حَبيب، فَقال لي كذلك، وقال: قرأتُ على المِنهَال، فقَال لي كذلك، وقال: قَرأتُ على ابن أبي ليلى فقَال لي كذلك، وقَال: قرأتُ على ابن أم عبد فقال لي كذلك، وقال: قرأتُ القُرآن كلّه على رسوله فلمّا انتهيت إلى آخر سورة الحشر قال لي: ((ضَع يدك على رَأسِك، وقَال: قَرأت القُرآن على جبريل -عليه السلام- فَقال لي كذلك، وقال: قَرأتُ القُرآن على إسرافيل -عليه السلام- فقال لي كذلك، وقال: إنّ الملائكة قرؤا القرآن كله حتى انتهوا إلى آخر سورة الحشر فقال لهم الله تبارك وتعالى: ضَعُوا أيديكم على رؤوسكم، فقالوا: يا ربنا ولِمَ هذا؟ فقال لهم رب العِزّةُ: هَذِه آيَة شِفَاءٍ مِن كُلِّ شَيءٍ إلاّ السَّامّ)) [الثمرات اليانعة] .

ومن غير طريق الزيدية روى الخطيب البغدادي، هذا الفِعلَ ؛ قال: ((أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، قَالَ: حدثنا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُقْرِئُ الْبَغْدَادِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا قَالَ: حدثنا إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْحَدَّادُ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى خَلَفٍ فَلَمَّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ، ((لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ)) ، قَالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَ أْسِكَ، فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى سُلَيْمٍ فَلَمَّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ، قَالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِكَ، فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى حَمْزَةَ فَلَمَّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ، قَالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِكَ، فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى الأَعْمَشِ فَلَمَّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ، قَالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِكَ، فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ فَلَمَّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ، قَالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِكَ، فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ فَلَمَّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ، قَالا: ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِكَ، فَإِنَّا قَرَأْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا بَلَغْنَا هَذِهِ الآيَةَ، قَالَ: ضَعَا أَيْدِيَكُمَا عَلَى رُءُوسِكُمَا، فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ، قَالَ لِي: ” ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِكَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ لَمَّا نَزَلَ بِهَا إِلَيَّ، قَالَ لِي: ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِكَ فَإِنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلا السَّامَ، وَالسَّامُ: الْمَوْتُ)) [تاريخ بغداد:2/253] ، وكذلك رواه أبو نعيم في [أخبار إصبهان:1/154] .

وفضلُ الآية مأثورٌ عن أمير المؤمنين -عليه السّلام- فيما جاء في (الدرّ المنثور) ، قال : ((وَأخرج الديلمي عَن ابْن مَسْعُود وعليّ مَرْفُوعا فِي قَوْله: ((لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن على جبل)) إِلَى آخر السُّورَة قَالَ: هِيَ رقية الصداع)) [الدر المنثور:8/121] ، وقال البقاعي : ((وفي الفردوس عَن علي وابن مسعود -رضي الله عنهما- ، أنّ النبي – صلى الله عليه و[آله و] سلم – قَال: يَا عَليّ؛ إذا صَدع رَأسك، فَضع يدكَ عَليه، واقرأ عليه آخر سُورة الحَشر)) [مصاعد النظر للإشراف علي مقاصد السور:3/74] .

وقد ألّف السيّد العلاّمة محمّد بن علي الشّرفي (ت1400هـ) في ذلك مبحثاً ، قال العلاّمة عبدالسّلام الوجيه -حفظه الله- : ((بحث في وضع اليد على الراس عند تلاوة آخر سورة الحشر، منه نسخة مصورة بمكتبة الأخ عباس محمد الوجيه وقد أثبتناه بتفسير المصابيح للشرفي (تحت التحقيق))) [أعلام المؤلفين الزيدية] .

فقد وقفتَ على أصلِ ذلك ممّا سبق، والحمدلله .

أسعد الله بكم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد

______________________________________________

السّؤال الثّاني:

 هَل فِي تُراثِ الزَّيديةِ تَرجَمَةٌ لسُليمان بن جرير، ومَا مَوقفُهم مِنه. إلى أيّ الفِرق الزيدية القَديمة تَنتسبُ الزيديّةُ فِي عَصْرِنَا الصَّالحِيةُ؛ البتريّةُ؛ الجَاروديَّةُ … ؟!.

والجَواب :

في تراث الزيديّة يجدُ الباحثُ الأقوال الكلاميّة لسليمان بن جرير، ولم أقف له على ترجمةٍ مجُتمعَةٍ، ولو قد تتبّع الباحثُ ذلك لاجتمعَت لهُ؛ ثمّ تتبّعتُ عدم اهتمام الزيدية بترجمةِ سليمان بن جرير؛ فوجدتُ أنّ ذلك يعودُ إلى أنّ الزيدية لم تعتبرُه على قولٍ صحيحٍ في أصولِه يُتابعُ فيه قولَ الزيديّة؛ بل إنّه تميّز لنفسِه بأصولٍ خرجَت به عن أصول الزيديّة، وعندما نقولُ الزيديّة هُنا فنحنُ نُريدُ ما أجمعَت عليه العترة، وكانت أصولُهم آتيةٌ من طريقِ العترة سادات بني الحسن والحسين -عليهم السّلام-؛ لأنّ الزيدية تتبعهم في مذاهبهم في الأصولِ والفُروع يعتزون إليهِم، لا أنّهم يعتزونَ إلى رجالِ من الشّيعة ينظرون لأنفسهم أنظاراً كلاميّة يُخالفون بها طريقة العترة إجماعاتهِم؛ لا سيّما في التّوحيد والعدل، وسليمان بن جرير فقد ردّ عليه الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين -عليهما السّلام- (245-298هـ) بكتابٍ ضمن مجموع كتبه ورسائله (كتب الرّد على سليمان بن جرير) واعتبرَهُ من المُجبرة، وهذا يُخرج عن حدّ الزيديّة وقولها بالتّوحيد والعدل .

يبقى أنّ تسميَة الرّجُلِ بالزّيديّ -أعني سلميان بن جرير- هل هي آتيةٌ لأصلٍ قديمٍ كان يتبنّاه هُو قولُ الزيديّة؛ ثمّ تبنّى أصلاً غير أصلِ الزيديّة؛ وهذا فيقويّه جعلُ الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين -عليه السّلام- له من المُجبرَة، وأيضاً ما وقفتُ عليه من نسبَة الإمام عز الدّين بن الحسن -عليهما السّلام- (ت900هـ) ؛ لسليمان بن جرير إلى الإماميّة؛ وسيقويّ هذا أنّ الإماميّة في ذلك الوقت -زمن سلميان بن جرير- كانت مُشتهرةً بالجبر والتّجسيم؛ ثمّ كان لسليمان بن جرير اجتماعٌ ومُناظرةٌ مع هشام بن الحكم الإماميّ المُجسّم المُجبر، ثمّ قد يقويّه -عدم زيديته وأنّه أصبح إماميّا- أنّه مُتهّمٌ بسمّ الإمام إدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسين -عليهم السّلام- صاحبُ المَغرب، أرسله هارون العبّاسي، وهذا الفعلُ فمُستغربٌ من عالمٍ زيديّ مُتوقّعٌ من رجلٍ أو عالمٍ إماميٍّ لمّا بين الإمامية من المُباينة الكبيرة مع سادات بني الحسن والحسين من أئمّة ودُعاة الزيديّة ؛ إلاّ أنّ هناك روايةٌ أنّ الذي قام بسمّ الإمام إدريس بن عبدالله هُو رجلٌ يُقال له الشمّاخ أرسله هارون العبّاسيّ؛ فلعلّ مع هذا تفريقٌ .

وهذا الجوابُ فهُو مادّةٌ بحثيّة يستصحبُها الباحثُ المهتمّ لنفسِه، القدرُ المقطوعِ به والمُتيقّنُ -ومعه جواب الشقّ الأخير من السّؤال- بأنّ شخص سليمان بن جرير، أو أبي الجارود، أو الحسن بن صالح، أو غيرهم من رجالات الشيعة؛ ليسوا هُم الحاكمون على قول الزيديّة؛ ليُقال الزيدية المُعاصرة إلى أيّ الفرق القديمة تتبع هل الصّالحية أم الجاروديّة أم الجريريّة؛ الزيدية لا تتبعُ أحداً من هؤلاء ، بل تتبعُ قول أئمّة العترة لمّا دلّ الدّليل الشّرعي على أن التمسّك بهم من خبر الثّقلين وغيرهم، فمن وافقَهم من الشّيعة فهُو أهلٌ للاتّباع لمكان اتّباعِهم لأهل البيت، ومَنْ خالفهم من الشّيعة كان ذلك رأيُه يخصّهُ ولا اتّباع له، ثمّ المسائل العقليّة نظريّةٌ لا تقليد فيها، إلاّ أنّ ما أجمعت عليه العترة من المسائل العقليّة فإنّه لن يكون ضلالاً ولا نظراً خاطئاً .

إلاّ أنّ النّاظر من خارج البيت الزيديّ، وهُو يقرأ مصنّفات أهل الإسلام وكُتب الملل والنّحل؛ فإنّه لن تستحضر ذهنيّته إلى فِرقاً هي الجارودية والصّالحية والجريريّة ونحوها ممّن تُنسب إلى الزيديّة؛ يُريدُ أن يُحاكم الزيدية التّابعة لأهل البيت -عليهم السّلام- لهذه الفِرق في التبعيّة؛ حتّى اضطرَّ بعض الأئمّة تنزّلاً وإفهاماً ؛ بأنّه إن كان ولا بدَّ أيّها المُخالفُ وأنت لا تعرفُ إلاّ هذه الفِرق عن الزيديّة ؛ فإنّ الجاروديّة مِنَ الفِرق التي صدّرتها كُتب المِلل والنِّحل هي التي تابعَت أهل البيت -عليهم السّلام- ، ثمّ هذا هُو بمفهوم أنّ الجاروديّةِ المُرادة فرقةٌ على التّوحيد والعدل ولا تُكفّر الصّحابة وتُخطّئ من تقدّم أمير المؤمنين -عليه السّلام- وتثبتُ النصّ على امير المؤمنين -عليه السّلام- ؛ وذلك أنّ كُتب المِلل والنّحل قد اضطربَت كثيراً في بيان حال الجاروديّة، فكان ذلك القيدُ في جعل الجاروديّةِ هي المتابعة لأهل البيت، بذلك البيان وذلك الاعتقاد الذي أصّله أهل البيت -عليهم السّلام- ، وبتوجيه عبارةٍ من أراد أن يعرف قول الجاروديّة الحقّة فلينظُر عقائد وأصول أئمّة العترَة ؛ ثمّ التبعيّةُ والفصلُ هُو لأئمّة العترة -عليهم السّلام- لا أنّه لأبي الجارود ولا لغيره من رجالات الشّيعة ؛ فقط هذا تنزّلٌ لمَن لم يعلَم أهل البيت وأنّ الزيديةَ طائفةٌ تتبعُ أهل البيت لا تتبعُ غيرَهم؛ ولا يريدُ إلاّ أن يُقسّمها إلى جاروديّة وغيرها؛ فيتنبّه ناظرٌ ، وهذا فتراث الزيدية ما يجدُ فيه ناظرٌ أصلاً يعودُ لأبي الجارود أو الحسن بن صالح أو غيرهما -وهذا لا يتنافى مع قدرهِما في نُصرة الآل – كما تجدُ أصحاب المذاهب يذكرون أقوال وأصول إمام مذهبهم الذي يعتزونَ إليه، كما الشّافعية مع الشّافعي، أو الحنابلة مع أحمد ، أو الأشاعرة مع الأشعريّ، ونحو ذلك من النِّسَب؛ فليسَ لهؤلاء الرّجال من الشيعة ما تعتزي به الزيدية إليهم في أصلٍ، بل الاعتزاء هُو إلى أئمّة وسادات العترة وأقوالِهم من سادات بني الحسن والحسين -عليهم السّلام- .

أسعدَ الله بكم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد ..

______________________________________________

السؤال الثّالث :

ما مذهب الزيدية في حكم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما هل ترى صحة خلافتهما أم لا مع توضيح موقفهم من أبو بكر وعمر في مخالفتهما الوصية .

الجواب :

تنبيهٌ وتكامُلٌ مع الإخوَة الباحِثين ، في قضيّة الترضيّة أو التوقّف على من تقدّم أمير المُؤمنين -عليه السلام- ، لمَن يستقرئُ طريقة أئمّة العترة -عليهم السلام في التّعامُل مع القضيّة ، وهذا فيه بيان لمن قد تلتبس عليه ويرى أن قول الزيدية غير مستقر في أصل المسألة ؛ فهو مستقر بأصوله الجامعة قولا واحدا ، وهي كافية في الاعتقاد :

* تنبيه : القصدُ من المنشورِ ؛ اللفتُ إلى قضيّة عامّة في فهم طريقَة العترة ، لا أن يتم مُناقشَة حالِ مَنْ تقدّم أمير المؤمنين -عليه السلام- ، لذلك من تطرّق لهذا فسيتم حذف تعليقِه مع احترامِ شخصِه ؛ لبقاء الفائدَة ، والفائدَةُ الفهَم المُتكامِلُ لوجوه ما يأتي في بعض الرّسائل التي تذكُر أقوال أئمّة أهل البيت -عليهم السلام- ، كرسالة الشوكاني إرشاد الغَبيّ ، وغيرها من الكُتب التي موضوعُها موضوعُ هذه الرّسالة . ولو كانَ الكلامُ واللفتُ حول تفصيل المواقِفِ والتتبع التأريخيّ ما استجزتُ حذف تعليقِ أحدٍ فالجميعُ إخوة ونتشرّف بهم ، فالموضوعان مُختلفَان ، فهذا الموضوع قراءة في نفسيّة العترةَ وطريقتهم وهُم يطلقون عبارات الترضية أو التوقّف ؛ ليستحضرَ خلفيّتهم العقائديّة في المسألَة تامّةً غير مُبسترَة ولا خَداجٍ ناقصَة .

فلابدّ أن يلتفتَ الباحثُ إلى قراءةٍ مهمّة من منهَج العترة وطريقتِهم ، وهي : أنّه لا تقليدَ في مسائل الوَلاء والبَراء ، بل على المُكلّف أن ينظُر لنفسِه -وهُو قادرٌ- السّيرَة يتتبّع أحوَال مَن كانت عليه دائرَة الحُكم من الرّجال ؛ إلاّ أنّه في نظره وتتبّعه ذلك قد لزمَهُ أن لا يُخالف الشّرعَ في تصحيحِ ما أبطلَه الشّرع ، أو إبطَال ما ثبّته الشّرع ، ومن مدلول الشّرع عدم مُخالفة ما أجمَع عليه أئمّة العترة -عليهم السلام- ، وهُم فلن يُجمعوا إلاّ عن مُستندٍ شرعيّ ، فبإجماعهم صارَت المسألَة حجّة ؛ وذلك من مدلول خبر الثقلين ، كما أنّ ذات الأدلّة السنّة في مسألة ولاية أمير المؤمنين وإمامته -عليه السلام- قائمةٌ بمَا أجمَعت عليه العترة منه .

* وتطبيقُ ذلك في مَسألة مَنْ تقدّم أمير المُؤمنين -عليه السّلام- ، بأنّه وإن كانَت العترة تعتقدُ أنّه لا تقليد في مسائل الوَلاء والبرَاء ، بل على النّاظر أن ينظُر لنفسه نظراً صحيحاً ، فإنّ ذلك -في هذه المسألَة- لا بدّ وأن لا يتعدى عدّة أمورٍ أجمَعت عليها العترة :

1- الأمرُ الأوّل : أنَّ أمير المؤمنين -عليه السلام- هُو الإمام بعد رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- بالنصّ الشّرعي ، إذ لا يجوزُ الاعتقادُ بمُخالفة الشّرع ، فمَا المُسلمون إلاّ تحته ، ومُنقادون له .

2- الأمرُ الثّاني : عَدم تصحيحٍ إمامَة وخلافَة من تقدّمَه شرعاً ، لمّا كانَ ذلك يُخالفُ الأمر الشّرعي الدّال على تثبيت إمامَة أمير المؤمنين -عليه السلام- بعد رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- بلا فَصلٍ ، وذلك من مدلول خبر الغدير والمنزلة ، فإنّ النّظر المودي بصاحبِه إلى تصحيح إمامة من تقدّمه باعتبارهَا خلافةٍ شرعيّةً فهذا يلزمُ منه مُخالفة إجمَاع العترة أولاً حيث افترضَ الله ذلك على العِباد ، ثمّ يلزُم من قوله تضارب واختلافُ أوامر الشّرع حيث يثبتُ إمامة شرعيّةً على الأمّة لأمير المؤمنين -عليه السلام- وأيضاً يثبتها إمامةً شرعيّةً لمن تقدّمه في نفس الوقت ، قالَ الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم -عليهم السلام- : ((حَدثني أبي ، عن أبيه ، أنّه سُئل عن إمَامَة عَلي بن أبي طالب -رحمة الله عليه- أفَرضٌ هِي مِنَ الله؟. فقال [أي إمام نجم آل الرّسول القاسم بن إبراهيم الرسي] : كَذلك نَقولُ ، وكذَلك يَقولُ العُلمَاء مِن آل الرّسُول -عليه وعلى آله السلام- قولاً وَاحِداً ؛ لا يَختلفُون فِيه)) [الأحكام في الحلال والحَرام] .

3- الأمرُ الثّالث : تخطئة منْ تقدّم أمير المؤمنين -عليه السّلام- بتقدّمهم ، وذلك لمُخالفة الدّليل الشّرعي .

4- الأمرُ الرّابع : مُولاة أمير المؤمنين والبراءة مِنْ أعدائِه كائناً مَنْ كَانوا ، فمَن قُطعَِ بحالِه في العداوة كانت البراءة منه ، ومَن شُكّ في حَالِه أو احتمَل النّظر ؛ فإنّه إذا ثبتَ في علم الله أنّهم أهل عداوة وبُغضٍ له فإنّ البراءة لازمَةٌ منهم .

فهذه كلّه ممّا أجمعَت عليه العترَة ، من سادات بني الحسن والحسين -عليهم السّلام- ، وممّا ينغي أن يجعله النّاظرُ أمامه ونحن نقول أنّ المسألة نظريّة لا تقليد فيها ، فإنّه يُراعي وجه الأدلّة .

ثمّ بعد ذلكَ في نتيجَة النّظر والتتبّع التأريخيّ ، فإنّ البعض قد يقولُ بالتوقّف ، أو يقولُ بالترضيَة من أعلام العترة ، إلاّ أنّهم جميعاً على الأصول التي ذكرنَاها قريباً ، فمن رضّى ومن توقّف فإنّه لا يُصحّح إمامة ولا خلافَة من تقدّم أمير المؤمنين -عليه السلام- ، ويُخطّئهم ، ويعتقدُ النّص في أمير المؤمنين -عليه السلام- ، فالترضيَة بعد هذا وجهها التسامُح لا أنّه يترتّب عليها فسادُ أصولٍ ، لذلك الترضية بهذا المفهوم لا تُخرجُ المكلّف عن كونِه زيديّاً . كما أنّ على المكلّف أن يرفعَ عن السّامِعَ -وهُو يترضّى- شُبهَة أن يفهَم من ترضيَته تأخير أمير المؤمنين -عليه السلام- عن مقام الإمامة فهُو الإمام بعد رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- حتّى موته ، لا غيرُه . وكذلكَ يتنبّه باحثٌ أنّ إطلاق ألفاظ الموالاة أو عدم البراءة مُتوجّهة على أصل العترة إلى مُوالاة الإسلامِ ونفي براءة الخروج عن الملّة -كما قد يقولُ بعض الشّيعة- يُخرجون مَن تقدّم أمير المؤمنين -عليه السلام- من الملّة ، فيتنبّه ناظرٌ .

أسعدَ الله بكم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

______________________________________________

السّؤال الرّابع :

لشخصٍ يُريدُ أن يعرفَ الزيديّة ، لا يعرفُ عنها شيئاً ، كيف يفعل حتّى يتعرّف على الزيديّة ؟!.

والجواب :

أنّ ذلك الشخص لا يخلو من أن يكونَ باحثاً لنفسه البصيرَة في دينه ، أو أن يكونَ مُقلّداً لغيره لا يعلمُ كيف يبحثُ لنفسه البصيرَة والمعرفة ، فإذا كان من المُقلّدين ولا يعلمُ كيف يبحثُ لنفسه ، فهذا فريضَته أن يطلُب العلم ، لأنّ القرآن يحثّه على التدبّر والمعرفَة ، وكذلك قول رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- المشهور بين الأمّة : ((طلب العلم فريضة على كلّ مسلم)) ، فهذا ينبغي له أن يفكّر مع نفسه ، بما أودعه الله في اله من العَقل ، لينظُر كيف يؤدّي واجب شكر الله تعالى عليه تامّاً ، وأن يتدبّر القرآن والسنّة حيث أنّه مُسلمٌ ويعلمُ أنّ عليه اتّباع رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ، فإذا عرفَ ذلك ، فسيعلمُ بعدَ ذلك كيفَ يصلُ إلى الهُدَى ، لأنّ من أعمَل تدبّره ونظرَه وعلمَ أنّ عليه طلب العُلوم ، فعندها سيصلُ ، وسيكونُ حالُه حال الرّجل الأوّل ، الذي سنتكلّم عنه قريباً .

وأمّا إن كان الشّخص باحثاً ، فإنّه لا يخلو حالهُ من أن يكونَ قد عرف الزيدية وفكرهم ، وإمّا أن يكون قد طرقَ إلى نفسه معرفةٌ عن جماعة هي الزيديّة بعقائدها و فروعها وتأريخها ، فإن كان حاله هو الحال الثّاني ، ولم يكُن قد علمَ عن الزيدية ، فإنّه وهو باحثٌ في الكتاب والسنّة ، لا بدّ أن يكونَ قد وقفَ على الخبر المتواتر معناه في السنّة ، قول رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- : ((إنّي تاركٌ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردَا عليّ الحوض)) ، وذلك أنّ هذا الخبر منتشرٌ كثرة في كُتب الحديث ، وأيضاً هو بارزٌ في موضوعه ودلالته حيث أنّه يدلّ على السبيل للنجاة من الضلال ، والباحثُ لم يبحَث إلاّ ليخرج من الضّلال إلى الهُدَى ، فكانَ الخبر النبويّ هدياً مهمّاً للباحث من جهة طرق روايته وانتشاره ، ومن جهة دلالته وموضوعه .

ثمّ هُو بعد ذلك ، لا بدّ وأنّ يبحث عن العترَة ، فسيوصلُه بحثُه إلى أنّ الفرقة السنيّة لا تجعل للعترة وزناً في اعتقادها وتأصيلها واتّباعها ، بل تتبّع غير العترة ، وتقدّم أقوال غير العترة على العترَة ، وتجعلُ العترة كغيرِهم في الدّلالة على الحقّ ، فيعلمُ الباحث أنّ ذلك ليس مطلبه .

فعندها سيصلُ إلى النّظر إلى أنّ هناك من المسلمين من ينسبُ إلى أهل البيت ، وهم الشّيعة ، وسيجدُهم على مذاهب ، الإمامية والإسماعيلية والزيدية ، فيطلبُ من كلّ فرقةٍ منهم أن يدلّوه على العترة في زمانهم ، لأنّ العترَة من خبر الثقلين لا بدّ وأن تكون موجودةً في كلّ زمانٍ لتهدي الأمّة ، وترفع عنه الضّلال ، فنجد أنّ ذلك من قول سائر فرق الشيعة أنّ العترة غائبة من مئات السّنوات ، ونجدُ الزيدية تقولُ بأنّ العترة حاضرةٌ ، علماء العترة يقومون في النّاس بالبيان والإرشاد إلى الهُدَى وكذلك بفريضَة الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر وإحلال العدَالة إذا قد توفّر لهم النّاصر والمُعين على ذلك .

فأصبحَ ذلك الباحثُ يعلمُ عن الزيدية ، أدّى بحثُه ونظره إلى العلم بهم ، ثمّ هُو عاد ونظرَ فوجد سادات العترة في القرون الثلاثة الأولى من ولد الحسن والحسين -عليهم السلام- ، فإذا هم زيدية ، في المغرب زيدية ، وفي الحجاز زيدية ، وفي الكوفة زيدية ، وفي جيل والديلم زيدية ، وفي المخلاف السليماني زيدية ، وفي اليمن زيدية ، فكانَ ذلك كلّه إلى جانب دلالة حديث الثقلين في ضرورة بقاء العترة حاضرة غير غائبة ، ممّا يجعل الباحث يُصدّر قول الزيدية واعتقادها وتمسّكها ، ثمّ يجد الباحث أنّ الزيدية لا تفرّق بين العترة ، ولا تقول بالنّصب ولا الرّفض ، وتقول أنّهم على قول واحدٍ واعتقادٍ واحدٍ سادات بني الحسن والحسين -عليهم السلام- ، وأنّ إجماعهم حجّةٌ مقارنٌ للقرآن ، وأنّ الاتّباع لا يكونُ لواحدٍ منهم دون الآخَر ، بل الاتّباع للأئمّة زيد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وعبدالله بن الحسن ، وموسى بن جعفر ، والحسين بن علي الفخي ، والقاسم بن إبراهيم ، وأحمد بن عيسى بن زيد ، والناصر للحق الحسن بن علي الأطروش ، والهادي إلى الحق يحيى بن الحسين ، وغيرهم -عليهم السلام- ، فهنا يُصبح حال هذا الرّجل الباحث ، كحال الرّجل الأوّل في أنّه أصبح يعرف عن الزيدية كجماعة .

ثمّ يأتي في البحث ، كيف أعرفُ عقائد الزيدية ، وفقههم ، وكُتب الحديث ، والتأريخ والسّيرة ، والرّقائق والأخلاق عندَهم ، فيجدُ أنّ من كُتبهم في :

– أولاً : العقيدَة :

1- نهج البلاغة ، للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام- ، (ت40هـ) .

2- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -عليهم السلام- ، (ت122هـ) .

3- مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) ، (169-246هـ) .

4- كتاب البساط ، للإمام الناصر للحق الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -عليهم السلام- ، (230-304هـ) .

5- مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) ، (245-298هـ) .

6- وغيرها الكثير من الكُتب .

ثمّ سيجد من الكُتب المختصرة ، كتاب زُبَدُ الأدلة للإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة الحسني (ع) ، (ت614هـ) ، وكتب العقد الثمين للأمير الحسين بن محمد -عليه السلام- ، وغيرها .

 – ثانياً : في الفقه والأحكام :

1- كتاب المجموع الفقهي والحديثي للإمام زيد بن علي بن الحسين -عليه السلام- .

2- أمالي أحمد بن عيسى بن زيد بن علي -عليهم السلام- .

3- كتاب الأحكام للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين -عليه السلام- .

4- كتاب شرح التجريد في فقه الزيدية ، للإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني -عليه السلام- .

5- وغيرها الكثيرُ من الكُتب .

ثمّ سيجدُ من الكُتب المختصرة ، كتاب (نُكت العبادات) للقاضي جعفر بن أحمد بن عبدالسلام ، وكتاب (لُباب الأفكار) للعلام أحمد بن حسن أبو علي -أسعد الله به- ، وغيرها .

– ثالثاً : في أصول الفقه :

1- كتاب القياس للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين -عليه السلام- .

2- كتاب هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول ، للعلامة الأمير الحسين بن القاسم بن محمد -عليه السلام- .

3- كتاب صفوة الاختيار في أصول الفقه ، للإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة -عليه السلام- .

4- كتاب المجزي في أصول الفقه للإمام الناطق بالحق يحيى بن الحسين الهاروني -عليه السلام- .

5- وغيرها الكثيرُ من الكُتب .

ثمّ سيجدُ من الكُتب المختصرة ، كتاب (شرح مختصر على الكافل) للعلامة المرتضى بن زيد المحطوري -رحمه الله- ، والكاشف لذوي العقول للعامة أحمد بن محمد بن لقمان -عليه السلام- ، وغيرها .

– رابعاً : في الحديث :

1- كتاب المجموع الفقهي والحديثي للإمام زيد بن علي -عليه السلام- .

2- كتاب أمالي أحمد بن عيسى بن زيد بن علي -عليه السلام- .

3- كتاب تيسير المطالب في أمالي أبي طالب ، للإمام أبي طالب يحيى بن الحسين الهاروني -عليه السلام- .

4- كتاب الأمالي الخميسية للإمام المرشد بالله يحيى بن الحسين الشجري الحسني -عليه السلام- .

55- وغيرها من الكتب الكثير .

 – خامساً : في التفسير :

1- تفسير غريب القرآن ، للإمام زيد بن علي بن الحسين -عليه السلام- .

2- تفسير قصار السور للإمام القاسم بن إبراهيم الرسي -عليه السلام- .

3- تفسير القرآن ، للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين -عليه السلام- .

4- تفسير البرهان ، للإمام الناصر أبي الفتح الديلمي الحسني -عليه السلام-

–5 وغيرها الكثير من الكتب .

– سادساً : في السيرة والتراجم والتأريخ :

1- كتاب أخبار فخ ويحيى بن عبدالله ، للعلامة أحمد بن سهل الرازي .

2- كتاب مقاتل الطالبيين لأبي الفرج علي بن الحسن الأصفهاني .

3- كتاب المصابيح في السيرة ، للإمام الحافظ أبي العباس أحمد بن إبراهيم الحسني .

4- كتاب الإفادة في تاريخ الأئمة السادة ، للإمام أبي طالب يحيى بن الحسين الهاروني .

5- وغيرها الكثير من الكتب .

– نعم! وكتب أخرى في الزهد والرقائق ، كالصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين -عليهما السلام- ، وكذلك كتاب (سياسة النفس) للإمام القاسم بن إبراهيم -عليهما السلام- ، وغيرها ، والقصدُ الإشارَة لا الاستيعاب في هذا كله .

– نعم! فعند ذلك سيكونُ الباحثُ من خلال القراءة والاطلاع ، ومراجعة أهل العلم من سادات العترة ، وعلماء الشيعة المخلصين ، قادرٌ على أن يعرف فكر أهل البيت -عليهم السلام- ، وبهذا سيتحقّق الوصول من السؤال إلى تلك المعرفة بالزيدية ، وباعتقادهم وطريقتهم .

 – وهذا رابطٌ مساعدٌ للبحث يجدُ فيه كُتب الزيدية وتحميلها والاطلاع عليها ، ييسر عليه الكثير ، لأنّه لا يجوزُ في الإنصاف معرفة الفكر إلاّ من خلال ما يُقرّه الفكرُ لنفسه :

 – وهذا رابطٌ لمحاضرةٍ صوتيّة تعريفيّة بالزيدية ، الفكرُ والعقيدَة ، والرّكائز ، والتراث العلميّ لديهم :

– وقناة اليوتيوب لطالب العالم للفائدة :

https://www.youtube.com/user/Almutwakelah/videos…

أسعد الله بكم

اللهم صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

________________________________________________

السّؤال الخامس:

نرجو منكم يا مولانا النهوض في سلسلة مسجلة بالتعريف بتاريخ العترة النبوية والمحطات الرئيسة من جهادهم، وعلمائهم ومؤلفاتهم ومشيخاتهم، وما آلت إليه دعواهم وأحوالهم في القرون المتأخرة..

الجواب :

 هذه مادّة معه فائدة إن شاء الله تعالى :

 – دعوات أئمة العترة في الكوفة والبصرة وبغداد :

https://www.youtube.com/watch?v=L1SYO1rPwPM

– دعوات أئمة العترة في الحجاز :

https://www.youtube.com/watch?v=Ne7p1lscHwE

– دعوات أئمة العترة في اليمن :

https://www.youtube.com/watch?v=WAm5UlvjGh0

 – دعوات أئمة العترة في الجيل والديلم وطبرستان :

https://www.youtube.com/watch?v=-QIIbDOy754

 – دعوات أئمة العترة في المغرب :

وبين يديّ بإذن الله مادّة تخصّ دعواتهم -عليهم السّلام- في مِصر، والله ييسّر أسباب الخير ، وبإذن الله يكون تفصيلٌ لكلّ إمامٍ .

أسعد الله بكم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

________________________________________________

السّؤال السّادس :

لماذا لم يصرح الإمام علي بعد رحيل رسول الله عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام، بأنه هو الإمام المنصب من الله؛ حيث نجد بأن الإمام علي يشير بأنه الأولى ولكن لا يقول ” أنا الإمام الذي أوصاني رسول الله بخلافة المسلمين من بعده”، أو عندما احتج بواقعة الغدير، نجد أنه أحتج بها بمعركة الجمل وذكر تلك الواقعة كفضيلة خصه رسول الله به، ولم نرى بأنه يشير إلى نص جلي، أو خفي.

والجَواب :

أنّ النّاظر ينبغي إلى أن يلتفِتَ إلى أنّ الحجّةَ الشرعيّة قد سبقَت حُجّةً على المُسلمِين على لسانِ رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- بما قد عِلموهُ من قولِه وانتشرَ وتواتر من خبر الغدير في إمامَة أمير المؤمنين -عليه السّلام- فليسَ الأمرُ من مقامِ أمير المؤمنين -عليه السّلام- في التّنبيه على إمامتِه إلاّ مقامُ تذكيرٍ بالحجّةِ من ذلكَ الخبر؛ لأنّ الذات الخبرِ من البلاغ المحمّدي يُقيمُ الحجّةَ على المُسلِمين؛ فإذا كان وانصَرفوا كان دورُ الإمام علي -عليه السّلام- في التّنبيه على إمامتِه هُو مقامُ تذكيرٍ وإبلاغِ معذرَة .

ثمّ لمّا كان أمير المُؤمنين -عليه السّلام- يُردّدُ على المُسلمين في مواقف مُتعدّدة خبر الغدير، أو يذكُر ما هُو أولى به من غيرِه بالإمامَة؛ فإنّه ينبغي أن يلتفتَ النّاظر إلى أن معنى الأولويّة هُنا ليسَت أولويّة النّافلَة أو الفَضل الذي يجوزُ معه أن يتولّى غيرُه عليه؛ بل ذلك الاحتجاجُ بالأولويّة آتٍ من معنى وجوب إمامتِي وخلافَتي من دليلِ الشّرع عليكُم ؛ فذلك من نظيرِ قولِ الله تعالى : ((النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ)) ، فهذه أولويّة وجوبيّةٍ لا يجوزُ أن يُصار إلى غيرها، أو أن يُختارَ عليها، وكذلك قالَ النّبي -صلوات الله عليه وعلى آله- يوم الغدير : ((أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ؟!. قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ)) ، قال الحاكم النّيسابوريّ راوي الحديث : ((هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ)) [المستدرك على الصحيحين:3/613] ؛ فقول رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- : ((لَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ)) هي أولويّة وجوبية لا يجوزُ تعدّيها أو القولُ بغيرَها، أو أنّها تحتملُ الأولويّة التي يجوزُ للمُسلمين أن تكون ولايَتهم من أنفسِهم لغيرِه في زمانِه -صلوات الله عليه وعلى آله- ؛ فكذلك الولاية التي عقدها رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- لأمير المؤمنين -عليه السّلام- يعطفُها على ولايتِه -صلوات الله عليه وعلى آله- على الأمّة .

فإذا وقفتَ على هذا؛ فإنّك ينبغي أن تلتفت أنّ طبيعَة احتاج أمير المؤمنين -عليه السّلام- بانّ أولى بالإمامَة والخلافَة بعد رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- تأتي بمعنى قولِه أنّه الإمامُ المُنصّبُ من الله تعالى، وأنّه لا يجوزُ أن يُقال بإمامَة غيرِه، وأنّ ولايَته -وهُو يذكرُ غدير خمّ- آتيةٌ من تثبيتِ الله تعالى له ذلك المقام ، ولذلك جاء في الرّواية أنّه كان يحتجّ بأولويّة الرّسول على النّاس ثمّ أولويّته ، فيروي الطّبراني ، بإسنادِه ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: نَشَدَ عَلِيٌّ النَّاسَ: مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ: ((أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟)) قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» ، فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَشَهِدُوا بِذَلِكَ)) [المعجم الأوسط:2/275] .

وكذلك الكلامُ في الاحتجاج بأحقيّته، فهُو معنى يتضمّن أنّه حقّ واجبٌ له من الله تعالى، وذلك فمن قبيل قول الله تعالى : ((فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ)) ، فلا أحقّ بالخشيَة مع الله تعالى منه جلّ شأنه، فيتنبّه ناظرٌ إلى أنّ معنى الأحقيّة أو الأولويّة بالمقام النبويّة من قول أمير المؤمنين -عليه السّلام- هُو معنى الوجوب وعدم استحقاق غيرِه معه؛ لمّا كان دليلُ الشّرعِ هُو تثبيتُه؛ فذكرُه -عليه السّلام- لخبر الغدير يحتجّ به على المُسلمِين هُو احتجاج بمقامِ الولاية التي ثبّتها الله تعالى ورسوله له -عليه السّلام- .

ثمّ قد جاء في الخبر يوم الشّورى من مُحاججته -عليه السّلام- ومنُاشدته ، قولُه الذي رواه الإمام المؤيّد بالله أحمد بن الحسين الهاروني -عليه السّلام- : ((هَل فِيكُم مِنْ أحَدٍ نَصَبَه رَسُول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- للنّاس ولكُم يَومَ غَدير خُم فَقال: ((مَنْ كُنتُ مَولاه فَعليٌّ مَولاه اللهمّ وَال مَنْ وَالاه وعَادِ مَنْ عَادَاه)) ؛ غَيري؟!. قَالوا: اللهم لا)) [الأمالي الصغرى] ، وكذلك رواه ابن مردويه الأصفهاني [مناقب علي بن أبي طالب:132] ، وكذلك قال -عليه السّلام- لأهل الشّورى لمّا عزموا على بيعة عثمان : ((لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَحَقُّ النَّاسِ بِهَا مِنْ غَيْرِي)) [نهج البلاغة] . وكذلك قال -عليه السّلام- بما يُبيّنُ أنّ وجهاً لأخذ حقّه كان القِتالُ دونَه؛ وهذا ليسَ إلاّ إذا كانَ حقّاً واجباً له من الله تعالى، وإلاّ لو كانت أولويّةً يجوزُ معها أن يكون غيرُه ثابت الإمامة جائزها لما جازَ له -عليه السّلام- أن يستعديَ على قُريشٍ ولا أن ينسبهم إلى ما نَسبهم ، ولا إلى أن ينظُر قوةً وناصراً ليأخذَ حقّاً أوجبهُ الله له وعلى المُسلمين بالقوّة : ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ أَكْفَئُوا إِنَائِي وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِي وَ قَالُوا أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَ فِي الْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ فَاصْبِرْ مَغْمُوماً أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ وَ لَا ذَابٌّ وَ لَا مُسَاعِدٌ إِلَّا أَهْلَ بَيْتِي فَضَنَنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَنِيَّةِ فَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى وَ جَرِعْتُ رِيقِي عَلَى الشَّجَا وَ صَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ الْغَيْظِ عَلَى أَمَرَّ مِنَ الْعَلْقَمِ وَ آلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ وَخْزِ الشِّفَارِ)) [نهج البلاغة] .

فأمّا مقام استصحابِ قول أمير المؤمنين -عليه السّلام- في يوم الجمل أو الرّحبة أو غيرها؛ فإنّ ذلك لا يتوجّه إلى معنى الفضيلة العامّة؛ لمّا كان المقامُ مقام إخبارٍ بوجوب طاعةٍ له عليهم؛ وأنّها ما يجوزُ لكُم أن تُخالفوني وأنا إمامكم ومولاكم بنصّ خبر الغدير، فما يسوغُ لكُم الكون في صفّ أهل الجمَل ضدّي، ولا أهل الشّام أو الخوارج ونحوهم؛ بل إنّ احتجاجه -عليه السّلام- بذلك الخبر في مقامات التّذكير بوجوب الطّاعات له -عليه السّلام- دوناً عن مُقاتِله ومُخالفيه من الأمّة؛ فإنّ هذا معه أنّه يحتجّ عليهم بخيرٍ يراه -عليه السّلام- يثبتُ له الإمامة وحقّ الطّاعَة عليهم .

ثمّ كانَ بَعْدُ قولُ أهل البيت الثّقل الأصغر من خبر الغدير كاشفاً لمَا يُريده الشّرع لمن قد فقه خبر الثّقلين ودلالته؛ فيقولُ فقيه آل محمّد الإمام الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (ت260هـ) -عليهم السّلام- : ((كَان عَليٌّ فَريضةً مِن فرائض الله، وَعَلَماً نصبه رَسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لأنّ الله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)) [النساء:59] ، ..، ثمّ دَلّ على أنّ إمام المؤمنين وسيدهم علي بن أبي طالب، فقال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67] ، فَلمَّا نَزل جبريل بهذه الآية وأمرَه أن يُبلِّغ مَا أنزل إليه من ربه أخذ بيد علي -صلى الله عليه – فأقامه، وأبانَ وَلايته على كُل مُسلم، فرفع يده حتى رأى الناس بياض إبطيهما، وذلك في آخر عمره حين رجع من حجة الوداع متوجهاً إلى المدينة ونَادى الصلاة جامعة، ولم يقل الصّلاة جامعة في شيء من الفرائض إلا يوم غدير خم، ثم قال: ((أيّها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم -يعيد ذلك ثلاثاً، يؤكّد عَليهم الطَّاعة ويزيدهم في شرح البيان-، قالوا بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)) ؛ فأوجب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الطاعة عليهم ما أوجب لنفسه، وجعل عدوه عدوه ووليه وليه)) [جامع علوم آل محمّد] ، وقال الإمام الحسن بن يحيى -عليهما السّلام- : ((أجَمعَ عُلمَاء آل رَسُول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنّ علي بن أبي طالب كان أفضل الناس بعد رسول الله، وأعلَمهم وأولاهُم بمقَامه)) [جامع علوم آل محمّد] .

وبهذا تمام الجواب والبيان، والحمدُلله .

وفّقكم الله

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد

_________________________________________________

السّؤال السّابع :

الأخبارُ المرويّة عن أمير المؤمنين -عليه السّلام- ، والقاضية بتفضيلِه لأبي بكر وعُمر على نفسِه؛ هل هي صحيحةٌ مُعتبرةٌ عند الزيديّة؛ فإن لم تكُن صحيحَة؛ فما سبب عدم اعتبارِها هل رُواتُها وأنّهم غير عدولٍ عند الزيديّة، أم غيرُ ذلك ؟!.

والجَواب :

أنّ تلك الأخبار غير صحيحة عن أمير المُؤمنين -عليه السّلام- ، وليست بمقبولَةٍ لمّا خالفَت قاطعاً من قواطع الأدلّة، وهُو إجماع العترة المحمديّة؛ فعنّ العترة قولاً واحداً على تفضيلِ أمير المؤمنين -عليه السّلام- على أبي بكر وعُمر؛ والعترة فلن تُجمع على ما يُخالفُ قولَ واعتقادِ أبيهم أمير المؤمنين -عليه السّلام- ، واعتقادُ العترة بتفضيل أمير للمؤمنين -عليه السّلام- بيّنٌ ظاهرٌ للمُنصفِين والمُتتبّعِين ؛ وإنّ الهدي هديُ آل محمّد من مدلول خبر الثّقلين ، وليسَ يصحّ هديٌّ يُخالفُهم، فقولُهم مقدّمٌ على قولِ غيرِهم، وهم أولى بأمير المؤمنين -عليه السّلام- في حكاية أقوالِه وفي المعارف الشرعيّة أصولاً وأحكاماً .

ثمّ تلك الأخبار عنه -عليه السّلام- القاضية بتفضيل أبي بكر وعُمر على نفسِه مُضادّةٌ لأخبار الشّرع المُتواتر معناها من جهة الأمّة في أنّ أمير المؤمنين -عليه السّلام- أفضلُ هذه الأمّة بعد نبيّها -صلوات الله عليه وعلى آله- ، ثمّ من الصّحابة أنفسهم مَنْ كان يُفضّل أمير المؤمنين على سائر الصّحابة ؛ ثمّ الأدلّة قائمةٌ على إثبات إمامته -عليه السّلام- نصّاً شرعيّاً ؛ ومن فضّله وقدّمه الله ورسولُه -صلوات الله عليه وعلى آله- فكيف يُفضّلُ غيرهُ على نفسِه ويُقدّمُ غيرَهُ عليه ، وهذا ففيه كفايةٌ، وقد استغنينا عن التّفصيل بسرد الأدلّة على أفضليّة أمير المؤمنين من جهة الشّرع ، وكذلك على قول أهل البيت -عليهم السّلام- في تفضيل أمير المؤمنين -عليه السّلام-، وكذلك تفضيلُ بعضِ الصّحابة لأمير المؤمنين -عليه السّلام- على سائر الصّحابة؛ بما نعلمُه من حال السّائل أنّه يعلَمُه ، ففي هذا كفايةٌ في الجواب والبيان تبقّى طبيعة الأخبار المرويّة في كُتب المُحدّثين في تفضيل أمير المؤمنين -عليه السّلام- لأبي بكر وعُمر على نفسِه؛ فإنّ هذا لا يُحكَمُ على جميع الطّرق جُملَةً بعدم العدالة، ولكن يُفردُ كلّ خبرٍ على حدَةٍ ، ويُبيّن حالُه، فما كانَ فيه من غير العُدول قيل بعدم عدالته، وما كانَ فيه اتّصالٌ عن الثّقات كان ذلك مُنكَراً مَعلَولاً بما سبقَ معكَ، حيث أنّ الأخبار المتصّلة عن الثّقات قد يكونُ فيها ما هُو مُنكرٌ غير صحيحٍ معلولٌ ، إمّا لمُعارضِته حُكم العقل، أو القرآن ، أو ما هُو أقوى منه في السنّة ، أو ما هُو مُخالفٌ على إجماع العترة؛ فيُحملُ ذلك عن الثّقات على الوَهم -وذلك من الثّقات في الوهم لا يكونُ فاحشاً غالباً وإلاّ خرج عن حدّ الوثاقة والحِفظ- أو الحكاية بالمَعنى، أو نحو ذلك . أختمُ بقولِ الإمام فقيه آل محمّد الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي -عليهم السّلام- يذكرُ إجماع العترة في التّفضيل ، قال : ((أجمَع عُلماء آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن علي بن أبي طالب كان أفضل الناس بعد رسول الله، وأعلمهم وأولاهم بمقامه)) [جامع علوم آل محمّد] ، وقال أبو الحسن الأشعري (ت324هـ) : ((وكانَ زَيد بن عَلي يُفضِّل عَلي بن أبي طالب على سَائر أصحَاب رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-)) [مقالات الإسلاميين:65] .

أسعد الله بكم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد

_________________________________________________

السّؤال الثامن:

عندمَا استشهِدَ الإمَام عَليّ، لماذَا لم يقل بأنّ الإمَام، أو الخَليفة الشّرعي مِن بَعده هُو الإمَامُ الحَسَن -عليه السلام- ، وأضَافَ إلى ذلك بأنّه يَترك المُسلمِين كمَا تَركَهُم رَسُول الله؟.

والجَواب :

أنّه لم يصحّ عنه -عليه السّلام- أنّه قال أنّه يتركُ المُسلمين كما تركَهم رسول الله -صلوات الله عليه وعل آله- ، لأنّ رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- قد تركَ المُسلمين وقد أوصاهُم بإمامَة أمير المؤمنين -عليه السّلام-، فهذا من شقّ السّؤال الأخير .

وأمّا شقّه الأوّل : فإنّ قولَ رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- في تثبيتِ إمامَة الحسن -عليه السّلام- يُغني عن أن يُوصي أمير المؤمنين -عليه السّلام- بالإمامة لابنه الحسن، وكذلك قولُ رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- في تثبيت إمامة الحُسين -عليه السّلام- يُغني عن أن يُوصي الحسن -عليه السّلام- بالإمامة عليه من بعدِه؛ وهذا فيما قد صحّ وثبتَ من طريقِ أهل البيت -عليهم السّلام- في ثبوت النصّ النبويّ على إمامة الحسن والحُسين -عليهما السّلام- وأجمعوا على أنّهما الإمامان الشرعيّان المُستحّقان في زمانِهما؛ ثمّ من طريقٍ آخر فالواجبُ على المُسلمين من دليل الشّرع أن ينظروا إلى من فضّله الله ورسوله -صلوات الله عليه وعلى آله- فلا يجوزُ لهم أن يتقدّموهم، وقد ثبت للإمامين الحسن والحسين -صلوات الله عليهما- من الفضل من مدلول آية التّطهير وكونهم عترة رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ما يُبتُ لهم الإمامَة على الأمّة؛ والأمة محكومةٌ بالكِتاب والسنةّ .

قال الإمام فقيه آل محمّد الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي -عليهم السّلام- : ((أجمَع عُلماء آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن علي بن أبي طالب كان أفضل الناس بعد رسول الله، وأعلمهم وأولاهم بمقامه، ثم من بعد أمير المؤمنين الحسن والحسين أولى الناس بمقام أمير المؤمنين،)) [جامع علوم آل محمّد] ، فهذا من إجماع آل الرّسول لا يختلفون فيه قولاً واحداً .

ثمّ نُشيرُ أنّ الوصيّة من السّابق إلى اللاحق لا تكونُ واجبةً إلاّ إذا فُقِدَ الدّليل الشّرعي عن الله وعن رسوله -صلوات الله عليه وعلى آله- في تثبيتِ إمامَة التّالي -الخليفة من بعدِه- ؛ فأمّا إذا كان ذلك التّثبيتُ قد سبقَ من دليل الشّرع فإنّه لا يلزمُ وجوباً الوصيّة إلى مُعيّنٍ بعدهن وهذا فمِن حُجّتنا على الإماميّة القائلين بالنصّ على الاثني عشر على لسان النّبي -صلوات الله عليه وعلى آله- ، وأنّ ذلك مُتواترٌ، إذا لو كان ذلك كذلك ما كان فُقهاء أصحابِهم وكبارهم لا يعرفون إمامَة الكاظم بعد الصّادق، ولا الرّضا بعد الكاظم، إلاّ بطلبٍ وصيّةٍ من الحيّ قبل وفاتِه ليعرفُوا مَنْ هُو الإمامُ بعد الإمام؛ إذ الإخبار السّابق على لسان رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- سيكون كافياً في المعرفَة لكبار الشّيعة على الأقلّ على إمامِهم بعد إمامِهم المنصوص عليه؛ عليه فلا تلزمُ الوصيّة من الإمام أمير المؤمنين -عليه السّلام- على مَنْ بعده إذا كان الدّليل الشّرعي قد سبقَ على لسان رسول الله -صلوات الله عليه على آله- في تثبيتِ إمامة الحسن والحسين -صلوات الله عليهما- ؛ فُهو يُغني فهو صاحبُ الشّريعة ، والشّريعة عنه تُؤخذُ .

فأمّا إذا كان المقام -من السّائل- مقامُ إنكار أنّ الشّرع ثبّت إمامة الحسن والحسين -عليهما السّلام- فإنّ لهذا إثباته ودليلُه، فلا نزيدُ في البيان على قدْر السّؤال، وما سبقَ فكافٍ إن شاء الله تعالى .

وفّقكم الله

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

_________________________________________________

السّؤال التّاسع :

هَل هُناكَ كُتبٌ تَذكُر أسمَاء الصَّحَابَة الذين كَانُوا يُقَاتِلُون مَع الإمَام عَليٍّ -عليه السلام- فِي الجَمَلِ وَصِفِّين؟!.

والجَواب :

أنّ ذلك مُتفرّقٌ في كُتب التأريخ الإسلاميّ بعُموم؛ لمّا كانت هذه الوقائعُ من الوقائع التي عُنيت بها الأمّة بعُموم؛ وكانت أبرز الأحداث التأريخيّة في زمانهَا؛ فقد يستطيعُ الباحثُ معرفة الصّحابة معَ أمير المؤمنين -عليه السّلام- بمباحثَ تتبعيّة من كُتب التأريخ الإسلاميّ بعُموم؛ فأمّا في رواية مُصنّفي الزيديّة لتفاصيل تلك الأحداث برجالِها وأحداثها؛ فقد صنّفَت الزيديّة في ذلك تُراثاً -للأسَف أنّ أكثرَه لم يصلنَا- ، ومن ذلك :

– كتابُ (الجمَل) ، لإبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقّفي (ت283هـ) .

– وكتابُ (الجمَل) ، لأبي مِخنَف لوط بن يحيى الغامديّ الأزديّ (ت157هـ) .

– وكتابا (الجمل الكبير) و (الجمَل المُختصر) ، لمحمّد بن زكريّا بن دينار الغلابيّ (ت298هـ) .

– وكتابُ (الجمَل) ، لنصر بن مُزاحم المِنقريّ (ت212هـ) .

وجُملة من أخبار هؤلاء المُصنّفين مزبورةٌ في كُتب التأريخ الإسلاميّ .

ومن التّراث الكِتابي في أحداث صفّين من مصنّفات الزيديّة :

– كتاب (صفّين) ، لأبان بن تغلب الجريريّ (ت141هـ) .

– وكتاب (صفّين) ، لإبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقّفي (ت283هـ) .

– كتابُ (صفّين) ، لأبي مِخنَف لوط بن يحيى الغامديّ الأزديّ (ت157هـ) .

– وكتابا (صفّين الكبير) و (صفّين المُختصر) ، لمحمّد بن زكريّا بن دينار الغلابيّ (ت298هـ) .

– وكتابُ (صفّين) ، لنصر بن مُزاحم المِنقريّ (ت212هـ) ، وهُو مطبوعٌ .

– وكتابُ (أخبار صفّين) ، لعبدالله بن الهادي بن الإمام يحيى بن حمزة الحُسينيّ (ت793هـ) .

ومن ذلك ما رُوي أيضاً في كُتب التأريخ الإسلامي عن طريق النّسابة الكلبيّ، وعن عبيدالله ابن أبي رافع وغيرهما .

ثمّ نحنُ نذكرُ بعض الصّحابة الذين كَانوا مع أمِير المؤمنين -عليه السّلام- يوم الجمَل ، فمنهم : عمّار بن ياسر، والبراء بن عازب، وجُندب بن زهير الغامديّ الأزديّ ، وحُجر بن عدي الكنديّ ، والحارث بن زهير الأزديّ، وخالد بن المعمّر الأزدي، ورفاعة بن رافع الأنصاريّ البدريّ، وزيد بن صوحَان العبديّ، وسهل بن حُنيف الأنصاريّ البدريّ، وشريح بن هانئ الحارثيّ، وعائذ بن سعيد المَحاربيّ، وعثمان بن خلف الخزاعيّ، وعبدالرّحمن بن حنبل الجمحيّ، وعمر ابن أبي سلمة -وهو ابن أمّ سلمة وربيب رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله- ، وعمرو بن فروة الأنصاريّ، وعمرو بن المرجوم العبديّ، وعبدالله بن الطفيل العامريّ، وفروة بن عمرو الأنصاريّ، ومالك الأشتري النّخعي، ومعقل بن قيس الرّياحي، والمهلّب بن أبي صفرة الأزديّ ، وهند بن أبي هالة التّميمي -ابن خديجة بنت خويلد وربيب النّبي صلوات الله عليه وعلى آله- ، وهند بن عمرو المُرادي ، وغيرهم من الصّحابة .

وممّن كانوا معه -عليه السّلام- يوم صفّين : عمّار بن ياسر ، والبراء بن عازب، والأسود بن عبس التّميمي -من المُهاجرين- ، وأويس بن عامر القرني -الزّاهد- ، وثعلية بن قيظي الأنصاريّ البدريّ، وجبر بن أنس البدريّ، وجبلة بن ثعلبة الأناريّ البدريّ، والحارث بن النّعمان الأنصاري الأوسيّ البدريّ ، وحصين بن الحارث بن المطّلب القرشيّ البدريّ -أخُو عبيدة-، وجُندب بن زهير الغامديّ الأزديّ ، وحُجر بن عدي الكنديّ ، وخزيمة بن ثابت ذُكرت مُشاركته بعد مقتل عمّار، وخالد بن المعمّر الأزديّ، ورفاعة بن رافع الأنصاريّ البدريّ، وسهل بن حُنيف الأنصاريّ البدريّ، وعائذ بن سعيد المَحاربيّ، وعبدالرّحمن بن حنبل الجمحيّ، ومالك الأشتري النّخعي، وبُريد الأسلميّ ، وجارية بن زيد ، وجبير بن الحباب الأنصاريّ، والحارث بن حاطب الأنصاري، والحارث بن عمرو الخزرجي الأنصاري -وهو ممّن شهد أُحُدَاً- ، والحجّاج بن عمرو الأنصاريّ ، وحيان بن أبجر الكناني ، وغيرهم من الصّحابة، وعدّة كثيرٌ كانت مع -عليه السّلام- من أهل بدر .

فهذا ما تيسّر رقمُه في الجَواب والبيان، والحمدُلله .

وفّقكم الله

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

_________________________________________________

السّؤال العَاشِر :

ما هِي الرِّوايَاتُ الصَّحِيحَةُ عِند أهلِ البَيت فِيمَن أرادَ اغتِيَالَ النّبي فِي حَادِثَةِ العَقبَة فِي غَزوة تَبُوك ؟!. وكيف حال تلك الروّايات المرويّة من طريقة الوليد بن جميع التي قال عنها ابن حزم : ((وأمّا حديث حذيفة فساقط لأنه من طريق الوليد بن جميع وهو هالك ولا نراه يعلم من وضع الحديث فأنه قد روى أخبارا فيها أن أبا بكر. وعمر. وعثمان. وطلحة. وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم وإلقاءه من العقبة في تبوك وهذا هو الكذب الموضوع الذي يطعن الله تعالى واضعه فسقط التعلق به)) اهـ [المُحَلَّى بالآثار:11/42] .

والجواب :

نأتي به من خلال ثلاث مقدماتٍ، يكون معها الجواب والبيان -بإذن الله تعالى- :

– المقدّمة الأولى : أنّ سبباً من أسبابِ عدم معرفَة الأسمَاء هُو ذات الحكمَة الإلهيّة في إبهامِها، لا أنّ ذلك يعودُ إلى قصورٍ في النّقل الرّوائيّ، وهذا إذا لم يستحضرهُ النّاظرُ فإنّه سيُكلّف نفسه جهداً وعناءً لمعرفَة الأسماء المُبهمَة؛ ثمّ لن يخرجُ إلاّ بظنونٍ لا يجوزُ أن يترتّب على مثلها حُكمٌ، ومثالُ ما أبهمَه الشّرع عددٌ كبيرٌ من أسماء الأنبياء والرّسل وقَصصهم، قال الله تعالى : ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)) ؛ فنجدُ اليوم مُتتبّعون في كُتب اليهود والنّصارى يبحثون عن رُسلٍ وأنبياء أنبأت بها كُتبُهم؛ ثمّ مع مجهودِه ذلك فإنّه لن يخرُج إلاّ بظنون لا يستطيع معها الجزمُ بتثبيت تلك النبوّات لأولئك الأشخاص .

 وكذلك الحالُ مع بعض المُنافقِين من الأعراب وأهل المدينة؛ فإنّهم قد مرَدُوا -أي عَتوا كما قال الإمام زيد بن علي- ثمّ لم يكُن رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- يعلمُ أسماءهم، قال الله تعالى : ((وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ)) ، فهذا من الإبهام في الأسماء الذي كان أصلُه الشّرع، للحكمة الإلهيّة، والابتلاء، فليسَ الأمرُ تقصيرُ رواةٍ عن نقل تلك الأسماء . ومن ذلك ما أبهمَه رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- من أسماء مُنافقي العقبَة إلاّ عن مثل أمير المؤمنين -عليه السّلام- ، وعن مثل حُذيفة بن اليمان -رضوان الله عليه- .

– المقدّمة الثّانية : أنّ طريقة أهل البيت -عليهم السّلام- جاءت على طريقة الشّرع في عدم الخوضِ في تفصيل تلك الأسماء، لمّا كانوا قُرناء للقرآن وللسنّة لا يتقدّمون طريقة الشّرع، وتلك الحكمة الإلهيّة من ذلك الإبهام، فلذلك لا يجدُ النّاظر من قول العترة بياناً لتلك الأسمَاء التي أبهمها الشّارع الحكيم، وكذلك نجدُ أمير المؤمنين -عليه السّلام- فيما يخصّ من تقدّمَهم -وسيرة أهل البيت بعده- لم يكونوا يُعاملونَهم مُعاملة الكفّار غير الملّيين؛ فأصبحَ لا معنى لتلك الظّنون من الأخبار من طريق الوليد بن جميع أو غيره في التّعيين؛ لأنّ النّاظر يجدُ أنّه لا بدّ أن يكون مُتابعاً لآل رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ، وهذا فلا يرفعُ الخطأ عمّن تقدّمه -عليه السّلام- حسب ما تقتضيه الأدلّة؛ وإنّما المقامُ -في سياق الكلام عن تحديد المُنافقين- هُو تقديمُ هدي آل محمّد على سائر ما لن يتولّد منه إلاّ ظنونٌ في ذلك التّعيين، ثمّ الحُكم في مثل تلك المُوبقة من أصحابها في مُحاولة قتل النّبي -صلوات الله عليه وعلى آله- لا بدّ لها من قاطعٍ، وأنّى بذلك القاطع، وليس ما يقومُ به بعضُ الباحثين من التتبّع يؤدّي إلى القطع في إثبات النّفاق -بما قد وقفنا عليه من بحوثاتهم- بل سبيله الظنّ .

– المقدّمة الثّالثة : وهي في بيان وجهٍ من وجوه الحكمَة في الإبهَام لأسماء المُنافقين؛ فإنّ ذلكَ تابعٌ لمقصدٍ من مقاصد الشّرع وهُو في تحرّي أخذ الدّين، واعتبار القُدوة؛ فإنّ المكلّف إذا قد عرفَ أنّ من الصّحابة منْ كان مُنافقاً فإنّه سيكونُ باحثاً لنفسه البصيرَة من دينِه؛ فلا يُقلّدُ دينَه أيّهم؛ ولا يغترّ، بل عليه إعمال النّظر وبين يديه كتاب الله ربّه، وكذلك قد جعل الله تعالى له أهل بيتِ نبيّه لُطفاً يرفعون عنه الضّلال؛ يعودُ يسألُ ويتعلّم؛ وكذلك في ذلك الزّمان قد كان أمير المؤمنين -عليه السّلام- علماً لمعرفَة المُؤمن من المُنافق كما جاءت الأخبار الصّحاح؛ فينظُر ناظرٌ لنفسِه .

وبهذه الجُملة نكتفي في الجواب؛ لأنّ المقام ليس بمقامٍ تتبّع لبحوثات الباحثين التي خرجوا معها ببعضِ الأسماء؛ فأجملنا ذلك أنّ ذلك منهم اعتمادُ على ظُنون، لا آيةٌ محكمةٌ، ولا سنّة صحيحةٌ مُفيدة للعلم، ولا إجماعُ العترة، ثمّ بعد ذلك جديرٌ أن نشير إلى أنّ هُناك صحابةٌ قد ثبت نفاقُهم بأدلةٍ تُفيد القطع على حالِهم كرأس النّفاق ابن أبي سلول ونحوه؛ فيُفرّق ناظرٌ بين موارد الأدلّة .

وفّقكم الله

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

_________________________________________________

السّؤال الحَادي عشر :

في نهج البلاغة يقول الإمام علي عليه السلام و رضوان الله عليه: لله بلاء فلان (هل فلان هو عمر)، فقد قوّم الأود، خلف الفتنة ذهب نقيَّ الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها، وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه، رحل وتركهم في طرق متشعبة، لا يهتدي فيها الضال، ولا يستيقن المهتدي هل هذا رثاء الإمام علي لعمر و ما قول السادة الزيدية أهل البيت عليهم السلام في هذه النقطة . و بارك الله فيكم.

والجواب :

أنّه ليسَ في المنقولِ ما يُفيدُ أنّ فُلاناً هُو عمر بن الخطّاب، إلاّ أنّ أبي الحديد -صاحبُ شرح النّهج- قال : ((وقَد وجدتُ النّسخة التى بخطّ الرّضِى أبي الحسن -جامع نهج البلاغة- وتَحت فُلانٍ عُمَر)) اهـ [شرح نهج البلاغة] ، وقد تسايرتُ -عن نفسي- مع أنّ المقصودَ عُمر بن الخطّاب، إلاّ أنّه في منطق البحث العلميّ إذا كانَ النّاظرُ يُريدُ من هذا النصّ -في نهج البلاغة- يُريدُ أن يحتجّ بأنّ هذا يعني رضاً تامّاً، وإقامةً دائمةً لا تعقّبَ عليه ولا خطأ معها من عُمر للسنّة ؛ فإنّ هذا مًنتقضٌ من داخل النّهج نفسِه بقولِ أمير المؤمنين -عليه السّلام- : ((أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ،…، فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا وَ يَخْشُنُ مَسُّهَا وَ يَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا وَ الِاعْتِذَارُ مِنْهَا فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ وَ إِنْ أَسْلَسَ ،…، إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَ مُعْتَلَفِهِ وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ خِضْمَةَ الْإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ وَ أَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ وَ كَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ)) [نهج البلاغة] ؛ وهذا فمعه أنّ هؤلاء لم يقوموا بالسنّة ولم يكونوا على الحقّ فيما أقدُموا عليه، ولذلك كان يستعدي الله عليهم، ولا يُستعدى عل صاحب سنّةٍ في فعلِه، فقال -عليه السّلام- : ((فَجَزَتْ قُرَيْشاً عَنِّي الْجَوَازِي فَقَدْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ سَلَبُونِي سُلْطَانَ ابْنِ أُمِّي) [نهج البلاغة] ، وغيرها من النّصوص الكثيرة في النّهج؛ فإذا كانَ النّاظر سيحتجّ من النّهج عل قضيّة تخصّ ما جاء في (فلانٍ) من الثّناء؛ فلازمُ البحث العلميّ أن لا يغفَل عن غيرها من التخطئة والتظلّم.

فيبقى في البحث العلمي قولٌ وسطٌ؛ إذا ما قد ثبَت أنّ فلاناً هًو عمر، فإنّ ذلك الثّناء من أمير المؤمنين -عليه السّلام- يتوجّه إلى قضيّة مُعينّةٍ كان يُريدُها أصاب فيها عُمر، ومضَى فيها وقد تخلّصَ لنفسِه، والنّاس في تلك القضيّة مُتحيّرون؛ وهذا وجهٌ قويٌّ تجتمعُ معه الأدلّة الأخرى ، فلا إفراط ولا تفريط، وليس من قول الزيدية أنّ عُمر لم يكُن من فعلِه شيءٌ جميلٌ موافقٌ للسنّة، أو أنّه لم يقُم في سيرتِه بسُننٍ من سُنن العدل، وإنّما التّخطئة كانت في قضايا معلومةٍ منها ما يخصّ أمير المؤمنين -عليه السّلام- في الإمامة ، ومنها ما يخصّ فاطمة الزّهراء -عليها السّلام- في الإغضاب، وليسَت هي بالقضايا الهيّنة ، والإمامة فأصلٌ ونصّ شرعيّ لا يجوزُ التقدّم عليه في حقّ أمير المؤمنين -عليه السّلام- ؛ فيُفرّقُ ناظرٌ، وإلاّ عاد لأجل فهمٍ معه التنزيه المُطلق لعُمر في النّهج إلى إسقاط أدلّةٍ كثيرةٍ في خطئِه وعدم صحّة إمامته من قول رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ، ومن قول أمير المؤمنين -عليه السّلام- ، ومن إجماع العترة المحمديّة؛ فينظر ناظرٌ أسباب قوّته من كلّ زجه واطّرادِه ، هذا وقد يقولُ قائلٌ الثّبوت أنّ فلاناً هُو عمر لا زال قضيّةً تحتاج إلى إثباتٍ، وترتيب الحُكم على ما لم يثبُت ليس سبيل أهل العِلم، وكلامنا أعلاه تسايرٌ مع لو قد ثبت ذلك، وغايةُ ذلك .

وفّقكم الله

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

________________________________________________

السّؤال الثَاني عشر :

مولانا هل الآية : ((وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)) ؛ تُوحِي باتّباع بَعضٍ مِنهم؛ مِثلُ اتِّبَاعِ آل البَيت -عليهم السلام-؛ أم لها تفسيرٌ آخَر؟!.

والجَواب :

أنّ الآيَة في بيان حالِ المُهاجرين والأنصَار وأنّهم مرضيّون عند الله تعالى عندَ نزولِ الآيَة؛ فرضاهُ جلّ شأنه عنهُم وقتَ نزول الآيَة؛ فمَن استقامَ منهُم على الطّريقة القويمَة؛ لم يُخالف على نهج سيّدنا محمّد -صلوات الله عليه وعلى آله-؛ فإنّه مُستمّرّ الرّضا من الله تعالى؛ فالأعمَالُ بخواتيمِهَا ؛ وآياتُ الوعيد مُنطبقةٌ على المُهاجرين والأنصار وسائر الأمّة سوَاء؛ قولُ الله تعالى : ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)) ، وليسَ من ذلك ما قد يعتقدُه البعضُ أنّ البدريين أو المُهاجرين والأنصار مغفورٌ لهُم على كلّ حال دوماً حتّى مماتِهم، ولَو ارتكبوا الكبائر ونحوها من المُوبقات؛ فهذا يُخالفُ القرآن ويضدّه ، فهذا من جهَة .

ثمّ من جهةٍ أخرَى، فإنّ المُهاجرين والأنصار لن يكونوا على ذلك الحال الذي يُرضي الله تعالى إلاّ وهُم على الشّريعة الإلهيّة والسنّة المحمديّة؛ فعادَ الأمرُ في معرفَة حالِ تحقيق حقيقَة ذلك الرضوان الذي كان عليه المُهاجرون والأنصار؛ باتّباع الشّريعة المحمديّة؛ والصّحابة فقد ماتوا ، وبقيَت الشّريعة كتاباً وسنّة، ومن الشّريعة فيما تواتر منها اتّباع أهل البيت -عليهم السّلام- لتحقيق الرّضوان الإلهيّ ولعدم الوقوع في الضّلال، فأصبَحت هذه الحقيقَة التي دلّ عليها شرع معياراً لتحصيل وتحقيق رضوان الله تعالى، ومتى كان رضوان الله تعالى باتّباع العترة المحمديّة؛ فإنّ المكلّف سيكونُ على الطّريقة المَرضيّة المحمودَة التي كان عليها المُهاجرون والأنصار؛ لأنّ المُهاجرين والأنصار المُطَّرِدين في استحقاق الثّناء كانوا يدينون بالولاء لأهل بيتِ نبيّهم قبلَ موته -صلوات الله عليه وعلى آله- وبعد موتِه؛ فمن أخطأ الولاء لأهل البيت منهم بعد النّبي -صلوات الله عليه وعلى آله- فإنّه لا شكّ قد خرج عن الرّضوان الإلهيّ لمكان مُخالفته الشّريعة وسنّة النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- ، ومن وجوه ذلك ما يعلمُه المكلّف من أنّهم كانوا يعرفون المُنافق من المُؤمن بحبّ أمير المؤمنين -عليه السّلام- .

تبقّى أمرٌ بعد هذا -وهُو جوهرُ السّؤال- ، فإنّ اتّباع المُحقِّ المُتابِعِ للشّريعة المحمديّة والتي قد أصّلت اتّباع أهل البيت -عليهم السّلام-؛ فإنّ ذلك التّابع للحقّ من الصّحابة أو من عُلماء الشّيعَة؛ فإنّهم يستحقّون الاتّباع، ولكن لا لمَعنَى أنّهم مخصوصون بذلك من دليل الشّرع بذلك المعنى المخصوص الذي جاء في أهل البيت -عليهم السّلام-؛ وذلك أنّ قول النّبي -صلوات الله عليه وعلى آله- في إيجاب اتّباع العترة، كان أوّلاً متوجّهاً إلى المُهاجرين والأنصار ومُسلمة الفتح ومَنْ بعدهم، ثمّ هُو موجّه لعُموم الأمّة المحمديّة؛ فكان المُهاجرون والأنصارُ مُخاطبون باتّباع أهل البيت -عليهم السّلام- في زمانِهم، وليسَ أهل البيت مُخاطبون باتّباع المُهاجرين والأنصَار؛ فإذا كان هذا حالُهم في زمانِهم؛ فأنتَ -الآن- تعلمُ أنّ معنى اتّباع المُهاجرين والأنصار ليسَ من قبيل اتّباع العترة المحمديّة؛ ثمّ لمّا كان النّاس بعد جيل الصّحابة -مع اختلاف الأمّة في حال الصّحابة- مُخاطبون باتّباع العترة ، والعترة باقية في الأمّة إلى انقضاء التكليف، بإجماعهم، وبُعلمائِهم، وبدعواتِهم في الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر؛ فبقي المعنى بالاتّباع في الآية هُو حثّ على الكون على طريقة المُهاجرين والأنصار لمّا كانوا على ذلك الحال مُتمسّكين بالكِتاب والسنّة وعلى الولاء لأهل بيت نبيّهم ؛ ثمّ من يُبدّل على ذلك من المُهاجرين والأنصار فإنّه مُرتهنٌ بعمله، ولا قدُوة فيه لأهل الإسلام؛ فلا قدُوة لمن يُخالف على الشّريعة، ولا عصمَة للمُهاجرين والأنصَار ؛ بل حتّى آحاد العترة من ذريّة الحسن والحسين فإنّهم مُرتهنون بالكون على إجماعات سلفهم، وأن يكون عُلماؤهم على طريق سلفِهم في الهداية، وكذلك أن يكون الآمرون بالمعروف والنّهي عن المُنكر على سنّة العدل؛ فالميزان عدلٌ واحدٌ لا مُحاباة فيه ؛ وإن كان توفيق الله تعالى مع عُموم العترة المحمديّة لن يخلو الزّمان من القائمين بالحقّ منهم في الأمّة، قلّ أتباعُهم أم كثروا ، حاضرين غير غائبين عن الأمّة، والحمدلله .

أسعد الله بكم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

________________________________________________

السّؤال الثّالث عشر :

ما قَول سَادتنا فُقهاءُ الزيديّة فِي إمَامة المرأة فِي الصّلاة؟!.

والجواب :

إن كان المُرادُ إمامة المرأة للّرجال : فإنّ ذلك غير مشروعٍ لا في الفرائض ولا في النّوافل، قال الإمام المؤيّد بالله يحيى بن حمزة الحُسينيّ -عليه السّلام- (ت749هـ) : ((أنّ ذلك مَمنوعٌ، وهَذا هُو رَأيُ أئمّة العِترَة القَاسِميّة والنّاصِريّة،…، والمُختار: ما عَوَّل عَليه عُلمَاء العِترَة، ومَن تَابعهم مِن المَنع مِن إمَامَة النِّسَاء للرِّجَال)) [الانتصار] .

وإن كان المُراد إمامَة المرأة بالّنساء في الصّلاة : فذلك جائزٌ، قال الإمَام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحُسين -عليهما السّلام- (ت298هـ) : ((يُصلي النّساء بعضهن بِبعض، وتَؤمّهن أطهَرهن وأعفّهن وأقرَأهن لكتَاب ربّهن، ولتكُن التي تَؤمّهن وَاقفةً في وسط صَفِّهن وهُنَّ عَلى يمِينها وعَن يسَارها، ولا تتقدَّم أمَامَهن)) ، وقال -عليه السّلام- : ((وفِي ذَلك مَا بَلَغَنا عَن رسول الله -صلى الله عليه وآله- أنّه دخَل على أم سلمة وعندها نسوان يُصلِّين -أو قَد صَلَّينَ- فقال لها -صلى الله عليه وآله- : ((ألا أمَمتهِنّ)) . فَقالت: يَا رسول الله، أيصلُحُ ذَلك؟!. قَال: ((نَعم، لا هُنَّ أمامَك ولا خلفَك، ولكن عَن يَمِينِك وعَن شِمَالِك)) [الأحكام] .

 وكذلك روى الإمام الأعظم زيد بن علي -عليهما السّلام- عن آبائه عن رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- في المسند الشّريف. فإن كانت امرأة تؤمّ وامرأةٌ واحدةٌ معها ((فَلتقفُ المُؤتمَّة عَن يَمين الآمّة)) [الأحكام]

وإن كان المراد إمامَة الرّجل بالنساء : فإن كُنّ نسوةٌ يؤمّهن رجلٌ، فذلك لا يجوزُ قاله الإمام الهادي الحق يحيى بن الحسين -عليهما السّلام- في الأحكام ، وكذلك قال الإمام زيد بن علي -عليهما السّلام- : ((لا يَؤمّ الرّجل النّسَاء لَيس مَعَه رجُلٌ؛ أرَأيت إنْ أحدَث كَيف يَصنَع؟)) [مسند الإمام زيد] . فإن كانَ مع النّسوة رجلٌ؛ جازَ ذلكَ ((يَقفُ الرَّجُل عَن يَمين الإمَام، ويصطفُّ النّسَاء من ورائهِمَا صَفّاً وَاحِدَاً)) [الأحكام] . فإن كان مع الإمام رجلٌ واحدٌ وامرأةٌ واحدةٌ ((وقفَ الرّجُلُ عَن يَمِين الإمام وَوقفَت المَرأة مِن ورَاء الإمَام)) [الأحكام للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين] .

وفّقكم الله

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

________________________________________________

  • مولانا هل من مستفاد ذلك عدم جواز إمامة الرجل بزوجته أو أمه؟ وهل النهي يعني بطلان الصلاة إن أقيمت بهذه الكيفية؟ وهل لهذا القول مخالف من العترة النبوية؟

والجواب :

نعم ذلك مفادُ كلام الأئمّة -عليهم السّلام- من بُطلانها -إمامة الرّجل بالمرأة لوحدها- سواء كان في البيت أم غيره، وسواء بمحرمٍ له أم بغير محرم.

وفي بعضِ تفصيلِ ذلك أنّ الإمامة -الرّجل بأهله- في البيت في غير المكتوبَة جائزة -أ ي في النّافلة فقط- ، وفي البيت لا في المسجد، فهذا وجهُ الخِلاف، وهذا وجه قد يُروى عن الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين -عليه السّلام- (ت298هـ) ، وهُو ما قد يُحمل عليه قول الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة -عليه السّلام- (ت614هـ) ، إلاّ أنّ بعض أهل العِلم حَمَلُوا الصّلاة بالأهل جماعةً في المنزل في النّافلة؛ بأنّ معنى الأهل ليس النّساء فقط بل يدخُل فيه الصّبيان ونحوهم على جهة التّعليم المواظبَةِ والمُتابعَةِ على أدَاء النّوافل، لا أنّه بنيّة الائتمام من الإمامِ فمَن بعدَه .

لذلك يخرجُ المتبصّرُ لنفسِه اطمئناناً طَريقَة العترة ، بأنّ صلاة الرّجل بالنساء في المكتوبة لا تجوزُ، في البيت أو المسجد أو غيرها، وفي النّافلة في البيت فأفضلُ ذلك أن يُصلّي المرءُ لنفسِه يقرأُ القرآن لنفسِه أفضلُ من أن يُتابعَ غيره.

أسعد الله بكم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

_________________________________________________

السّؤال الرّابع عشر :

هَل يصحّ -حسبَ مَباني سادتنا أهل البيت الزيدية- عَدم وجُود ولَيٍّ للمَرأة في عقد النّكَاح؟!.

والجواب :

أنّ ذلك لا يجوزُ ولا يصحّ، وعليه إجماع العترة المحمديّة، قال الإمامُ فقيهُ العترة الحسن بن يحيى بن الحُسين بن زيد بن علي بن الحسين -عليهم السّلام-، (ت260هـ) : ((أجمَع آلُ رَسولِ اللّه -صلى اللّه عليه وآله وسلم- على أنّه لا نِكَاحَ إلاّ بوليّ وشَاهِدَين)) [جامع علوم آل محمّد] .

– وقالَ الحافظُ محمّد بن منصور المُراديّ : (( سَمعتُ عَن:

1- النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.

2- وعن علي. وابن عباس .

3- وأبي جعفر .

4- وزَيد بن علي .

5- وعبدالله بن الحسن .

6- وجعفر بن محمد -عليهم السلام- .

أنّهم قَالوا: لا نكَاحَ إلاّ بوليّ وشَاهدين)) [جامع علوم آل محمّد] .

– وقالَ الإمامُ نجم آل الرّسول القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طَالب : ((وَلا يَجوزُ النِّكَاحُ إلاّ بوليّ وشَاهِدَين،.[ثمّ روى بإسنادِه] ..، عَن عليّ، عَن النبي -صلى اللّه عليهما- أنه قال: ((لا نكَاح إلاّ بوليّ وشَاهدين)). وأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى عن نكاح السِّر)) [جامع علوم آل محمّد] .

– وروى الحافظ محمّد بن منصور المُرادي، بإسناده ، عَن أبي جَعفَر [الباقر] قال: قَال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا نِكَاح إلاّ بِوَليّ وشَاهدي عَدل، فمَن لَم يَكُن لَه وليٌّ، فَالسُّلطَانُ وَليّه)) [أمالي أحمد بن عيسى] .

– وعن الإمام زيد بن علي بن الحُسين، عن آبائه، عن عليّ -عليه السلام- قال: (لا نكَاح إلا بوليّ وشَاهدين)) [مسند الإمام زيد، أمالي أحمد بن عيسى].

– وروى الحافُظ المُرادي ، أنّ أمير المؤمنين -عليه السّلام- أبطل النّكاح بلا وليّ. [أمالي أحمد بن عيسى] .

– وروى الحافظُ المُرادي :، بإسناده ، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عَلَيْه السَّلام أنه قال في النكاح: ((إنّه ليسَ للنّساء إلا بضعهنّ ؛ فَاحفظوا فيهن وصيّة اللَّه وكِتابه، وإنّ ولي عقدة النّكاح أولى بالنكاح، فمَن أنكح امرَأة بغير إذن ولي النكاح، فَنكاحُه باطِلٌ)) [أمالي أحمد بن عيسى] .

– وقال الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طَالب -عليهم السّلام- ، (245-298هـ) : (( وبلغَنا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنّه قال: ((لا تُنكح المَرأة إلا بوليٍّ وشَاهِدَين، فإن نُكِحَت فَهُو بَاطِلٌ، فَإن نُكِحَت فَهُو بَاطِلٌ، حتى قال ذلك ثلاثا)). وَبلغنا عَن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام- : أنّه قال: ((لا نِكَاح إلاّ بولي فمَن نَكَحَ فَهُو بَاطِلٌ)) . حَدّثني أبي عن أبيه [القاسم] : أنّه سُئلَ عَن رَجُلٍ نَكح امرأة بغير وليِّ؛ زَوَّجَهُ رَجلٌ جَعلَتهُ وَليّها، وأشهَد رَجُلَين؟!. فقال: ليسَ لأحَدٍ أن يُنكحها إلاّ بإنكاح وَليّها، إلا أن يَعضُلها الوليّ أو يَصيرَ إلى المُضارَّة لَها)) [الأحكام في الحلال والحرام] .

– وروى الإمامُ المرتضى محمّد ابن الإمام الهادي إلى الحقّ، عن آبائه، عن رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- أنّه : ((نهَى أن يَكون النِّكاحُ إلاّ بوليٍّ وشَاهدَي عَدلٍ)) [المناهي] .

– وروى الخطيبُ البغدادي، بإسنادِه ، ، عَنْ أَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه [وعلى آله] وسلم ، قَالَ: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَتَزْوِيجُهَا بَاطِلٌ ثَلاثًا ثُمَّ هُوَ بَاطِلٌ ثُمَّ هُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ)) [ الفصل للوصل المدرج في النقل:2/759] .

– وهذا فيشملُ كلّ نكاحٍ في الإسلامٍ عن سادات العترة -صلوات الله عليهم- ، إذ نكاحُ المُتعة عندَهم مُحرّمٌ بالإجمَاع .

– وهذه المسألةُ في النكاح بلا ولي وشاهدين خلافيّة باعتبار مجموع الأمّة، إجماعيّةٌ باعتبار العترة الثّقل الأصغر -صلوات الله عليهم-.

وفّقكم الله

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

________________________________________________

السّؤال الخَامس عشر :

أرجُو منكُم أن تُفيدُوني بأسمَاء كُتب زَيديّة وغَير زيديّة؛ تكَلَّمَت عَن الاصطفاء أو التّفضِيل؟!.

والجَواب :

يجدُ ذلك المُهتمّ في مجامعي أئمّة العترة -عليهم السّلام-، كمجموع كُتب ورسائل الإمام زيد بن علي، ومجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرّسي، ومجموع كُتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين، وكذلك في كتاب الشّافي للإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، وفي كتابه العقد الثّمين للإمام المنصور بالله أيضاً، وكتاب شرح الرّسالة النّاصحة له أيضاً ، وغيرها من مصنّفات العترة والشيعة الكرام . وللفقير في ذلك رسالتان ضمن مجموعة الرسائل المهمة حول الزيدية . ومن غير الزيديّة فهاك كتاب شواهد التنزيل لمن خص بالتفضيل للحاكم الحسكاني .

وفقكم الله

اللهم صل وسلم على محمّد وعلى آل محمّد …

رابط التحميل (pdf) :

https://www.mediafire.com/…/istfa_ahl_albeet.pdf/file

للتّحميل ميديا فير :

https://www.mediafire.com/…/dlael_alemamh_fe…/file

_______________________________________________

السّؤال السّادس عشر :

يا سيدي ما صحة ما روي أن دار المرجئة دار حرب ، وأنه لا يجوز أكل ذبيحتهم ، وأنه تسبى ذراريهم ونسائهم هكذا روي عن الإمام الهادي والمنصور بالله في مجموع رسائلهما ، وكذلك ما جاء في الأزهار أن المتأول في مسائل العقيدة كالمرتد ؟

والجواب :

تجدُ تفصيل ذلك وبيانه في الرّابط أدناه، حيث أنّ الاختصار هُنا مُخلّ، فيتأمّله مُهتمٌّ .

* تَكفيرُ المُشبّهة والمُجسّمَة في أقوال عُلماء الإسلام

– جوابُ شُبهَةٍ حول تكفير الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) لهُم

– المَبحث الأوّل : أقوال عُلماء الإسلام في تكفير المُشبّهَة والمُجسّمَة .

– المبحث الثاني : أقوالُ عُلماء الإسلام في ردّة المشبّهة والمُجسّمَة ودَارِهم وما يترتّبُ على ذلكَ من أحكَام ومنها ما يخص السّبي وما أثيرَ حوله .

– المبحثُ بعُموم ليسَ بدعوةٍ للتقليد في التّكفير وإنّما لتفهّم أصول وِعلل بعض الأحكَام التي نجدهُا في كلام أهل العلْم وكذا في سِيرهِم ، فهُو مَبحثٌ نستعرضُ فيه الأقوال لا أنّه تأصيليّ ، فيُتنبّه لذلك.

لتحميل البَحث (ميديا فير) :

https://www.mediafire.com/…/tkfer_almoshabehah.pdf/file

أسعدَ الله بكم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

________________________________________________

السّؤال السّابع عشر :

نَجد في روايات الزيدية (عن زيد بن علي عن آبائه ) .

سُؤالي: مَا المقصود بقولهم عن آبائه؟!. هَل هو سيدنا السجاد عن الحسين…؟!. أم هُو وغَيرُه .

سُؤالي: عن سماع سيّدنا السجاد من أبيه، هل يروي عن أبيه مُباشرة أم بالواسطة؟!.

والجواب :

أنّ الأصل في روايات أئمّة العترة عن آبائهم هُو الاتّصال؛ حتّى يُثبت الدّليل غيره، فأمّا روايات الإمام زيد بن علي عن آبائه فمتّصلة، وسماعُ الإمام زيد بن علي عن أبيه ثابتٌ، فقد أدركه زمناً يتحمّلُ معه الرّواية والِفقه والعِلم عنه -عليه السّلام- .

ويُراعي ناظرٌ أنّ بعضَ أهل الاختصار في مصنّفاتِهم، قد يقولون : روى الإمام زيد بن علي عن آبائه، يختصرون قول عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين -عليهم السّلام- ، إلاّ أنّك إذا رجعت إلى مصدر الخبر في الكُتب المُسندة وجدَته : عن أبيه، عن جدّه عن أمير المؤمنين؛ مُسْنداً .

أسعدَ الله بكم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

_______________________________________

السّؤال الثّامن عشر :

نُريدُ الرَّد عَلى مَن يَقولُ : إنّ حَديثَ ((مَثل أهل بَيتي كَسفينة نُوح ؛ مَن رَكبها نجَا ومَن تركَها غَرق)) ؛ حَديثٌ مَوضوعٌ؟!.

والجَواب :

أنّ هذا من ضُروب الجَهل نسبة الخبر إلى الوضع؛ فأمّا من طريق العترة فقد رووه صحيحاً مُسنداً ومُرسلاً ، وتلقّوه بالقَبول، واحتجّوا به، وهذا فبيّنٌ لمن ناظر مصنّفاتهِم بأقلّ تأمّل، وأمّا من طريق غيرنَا، فقد رواهُ الحاكم النّيسابوريّ، بإسنادِه ، عَنْ حَنَشٍ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، يَقُولُ: وَهُوَ آخِذٌ بِبَابِ الْكَعْبَةِ: أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَرَفَنِي فَأَنَا مَنْ عَرَفْتُمْ، وَمَنْ أَنْكَرَنِي فَأَنَا أَبُو ذَرٍّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ)) ، ثمّ قال الحاكم : ((هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ)) [المستدرك على الصحيحين:2/373] ، فترى انّه قد صحّحه . فالخبرُ فمرويّ عن أبي ذرّ -كما مرّ معك- ، ومن رواية عبدالله بن العبّاس في (البحر الزخّار بمسند البزّار وفي المعجم الكبير للطبرَاني) وغيرهما، وعن عامر بن واثلة أبي الطفيل في (الكنى والأسماء للدولابي) ، وعن عبدالله بن الزّبير في (كشف الأستار عن زوائد البزّار للهيثمي) ، وعن أبي سعيد الخدري في (المُعجمين الأوسط والصغير للطّبراني) ، وعن أنس بن مالك في (تاريخ بغداد) ، وعن سلمة بن الأكوع في (المناقب لابن المغازلي) ، وعن أمير المؤمنين -عليه السّلام- في (ذخائر العقبى لمحب الدّين الطّبري) .

ومن طريق العترة عن أمير المؤمنين -عليه السّلام- أيضاً ، وقال الإمام مجد الدّين المؤيّدي -عليه السّلام- : ((روَاه إمامُ اليَمن الهادي إلى الحق -عليه السّلام- في الأحكام …، ورواهُ من أئمة العترة -عليهم السّلام- الإمام علي بن موسى الكاظم في الصحيفة، والإمَام أبو طالب، والإمام المُرشد بالله في أماليهما، والإمام أبو عبدالله الموفق بالله الجُرجاني، والإمام المَنصور بالله عبدالله بن حمزة في الشّافي، وغيرهم -عليهم السّلام- كثير)) [لوامع الأنوار] .

فالقول أنّ الخبر موضوعٌ يعودُ إلى شروطٍ يلتزمها القائلُ لنفسِه غير صحيحَةٍ في الحُكم على الرّجال -لمكان التشيّع ونحوه- ، وأيضاً ليست تنظرُ إلى الخبر في مجموعِ طُرقه، وليست تعتبرُ تصحيح العترَة -عليهم السّلام- ، وهذا فقولٌ لا يصحّ ولا يُلتفتُ إليه .

وكيف لا يكون كذلك ، وهذا ابن حجر الهيتمي يقول عن خبر السفينة : ((وَجَاء من طرق كَثِيرَة يُقَوي بَعْضهَا بَعْضًا (مثل أهل بَيْتِي) وَفِي رِوَايَة (إِنَّمَا مثل أهل بَيْتِي) وَفِي أُخْرَى (إِن مثل أهل بَيْتِي) وَفِي رِوَايَة (أَلا إِن مثل أهل بَيْتِي فِيكُم مثل سفينة نوح فِي قومه من ركبهَا نجا وَمن تخلف عَنْهَا غرق) وَفِي رِوَايَة (من ركبهَا سلم وَمن لم يركبهَا غرق وَإِن مثل أهل بَيْتِي فِيكُم مثل بَاب حطة فِي بني إسرائل من دخله غفر لَهُ)) [الصواعق المحرقة:2/675] ، وقال عنه شمس الدّين السّخاوي : ((هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي المناقب من مُسْتَدْركه،….، وَقَالَ الْبَزَّار لَا نعلم صحابيا رَوَاهُ إِلَّا أَبَا ذَر وليْسَ كَذَلِك بَل فِي الْبَاب عَنِ ابْن عَبَّاس وَابْن الزُّبَيْر وَأبي سَعِيد الْخُدْرِيّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم – وَبَعضهَا يُقَوي بَعْضًا وَلذَلِك حسنته)) [البلدانيات:187-189] ، فهذا موطن الشّاهد وعليه اقتصرتُ في النّقل؛ فمن يقول موضوعٌ مخطئٌ ولا شكّ .

وفّقكم الله

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

___________________________________________

السّؤال التّاسع عشر :

لمَاذا سُمِّي الإمَامُ زَيدُ إمَامُ الأئمّة؛ لأنّ هُناك مَنْ يَقُولُ : أهُو أفضَلُ مِن الإمَامِ عَليٍّ والحسن والحُسين؟!.

والجَواب :

أنّ قولنَا عن الإمام زيد بن علي -عليهما السّلام- : الإمامُ الأعظم ، أو إمامُ الأئمّة؛ فإنّ ذلك ناظرٌ إلى جهةٍ وهي المُقارنَة بجنسِه من الأئمّة، وهُم الأئمّةُ الدّعاة غير المنصوصِ عليهم، والمنصوصُ عليهم فهم أفضلُ الأئمّة عليّ ثمّ الحسن ثمّ الحسين -صلوات الله عليهم- ، وذلك أنّ طريق الإمامَة عندَ أهل البيت -عليهم السّلام- طريقَان : النصّ فيمَن ثبَت فيه النصّ وهُم عليٌّ والحسن والحسين – . والدّعوة في ذريّة الحسن أو الحسين -عليهم السّلام- . فوجه إطلاقِنا : الإمام الأعظم ، أو إمامُ الأئمّة؛ فهُو بلحاظِ الطّريق الثّاني، وهُم أئمّة الدّعوة من ذُريّة الحسَنين ، فأمّا الثّلاثةُ عليٌّ والحسن والحُسين -عليهم السّلام- فهُم أفضلُ الأمّة جمعَاء بعد سيّدنا محمّد -صلوات الله عليه وعلى آله- ، وقد قرّر أفضليّتهم تلك الإمام زيد بن علي -عليهما السّلام- نفسه، فقال بعد أن ذكرَ أمير المؤمنين -عليه السّلام- : ((. فَلم يزل كَذَلكَ حَتّى قَبَضَه الله إليه عَلى ذَلِك شَهِيداً ، ثُمّ كَان الحسَن والحُسَين -عليهما السلام- فَلا والله مَا ادَّعَيَا مَنْزِلَة رَسُولِه ، ولا كَان القَولُ مِنْ رَسُول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيهِما مَا قال في عَليّ -عَليه السلام- ، غَير أنّه قَال : ((سَيِّدَا شَبَاب أهلِ الجنّة وأبوهُما خَيرٌ مِنهُما)) ، فَهُما كَما سَمّاهُمَا رَسُول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، كَانَا إمَامَي المُسْلِمِين أيّهما أَخَذْتَ مِنهُما حَلالَك وَسِعَك ، فَلم يَزالا كَذلِك حَتّى قُبِضَا سَعِيدَين. ثُمّ كُنّا ذُريّة رَسُول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مِنْ بَعْدِهما ، وَلَدُهُما ، وَأمّا الحَسَن والحسين فَلا والله مَا ادّعَا أحَدٌ منّا مَنْزِلَتَهُما مِنْ رَسُول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، ولا كان القَولُ مِن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فِينا مَا قَال في عَليّ وَالحسن والحسين -عليهم السلام- ، غَير أنّا ذُريّة رَسُول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تحقّ مَودّتُنا وَنُصْرَتُنا ومُوالاتُنا عَلى كُلّ مُسْلِم ، وَإنّا أئمّتكُم في حَلالِكُم وحَرَامِكم يحقّ عَلينا أن نَجْتَهِدَ لَكُم ، وَيحقّ عَليكُم أن لا تَبْتَدِعُوا أَمْرَاً دُونَنَا . وَلا والله مَا ادّعَا أحَدٌ مِنْ وَلَد الحَسَن وَلا مِنْ وَلَد الحُسَين أنَّ فِينَا إمَامَاً مُفْتَرَضَ الطّاعَة عَلينا وعَلى جميع المسلمين ، فَوالله مَا ادّعَاها أبي عَلي بن الحسين -عليه السلام- في طُولِ مَا صَحِبْتُه حَتّى قَبضَه الله ، ومَا ادّعَاهَا أخِي محمّد بن عَلي فيَما صَحِبْتُه حَتّى قَبَضَه “الله” إليه . ومَا ادَّعَاهَا ابن أخي جعَفر مِنْ بَعدِه . لا والله ، ولكنَّهُم قَومٌ يَكْذِبون ، فَالإمِامُ مِنّا يَا أبَا هَاشِم المُفْتَرضُ طَاعَتُه عَلينا وعَلى جميع المسلمين : الخَارِجُ بِسَيفِه الدَّاعِي إلى كتاب الله تعالى وسنّة نَبيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، الظّاهِرُ عَلى ذلك ، الجَارِيَةُ أحكَامُه . فَأمّا أن يَكونَ إمَامٌ مُفترضُ الطّاعَة عَلينَا وعلى جميع المسلمين ، مُتّكئاً عَلى فِرَاشِه ، مُرْخِيَاً عَليه حُجُبَه ، مُغْلِقَاً عَليه بَابه ، تُجري عَليه أحكَامُ الظّلمَة! ؛ فَإنّا لا نَعرفُ هَذا يَا أبَا هَاشِم)) [أخبار الإمام زيد بن علي] .

فأنتَ ترى كيفَ أنّ الإمام زيد بن علي -عليهما السّلام- يُفضّلُ أمير المؤمنين والحسن و الحسين -صلوات الله عليهم- على نفسه وعلى سائر الذريّة والأئمّة الدّعاة ؛ فإذا قد عرفت هذا؛ فيجبُ أن تعرف أنّ معنى قولنا : الإمام الأعظم، وقولنا : إمام الأئمّة؛ فإنّما هُو آتٍ من جهتين -وحقيقتهما جهةٌ واحدَة- .

الجهة الأولى: العَلميّةُ والتمييز، حيث قد اختار سادات العترة أن يكون الإمام زيد بن علي -عليهم السّلام- علماً لهُم في الفِكر والمسلَك ينتسبون إليه؛ ليُميّزُ النّاظرُ لنفسِه طريقة العترة إذا قد كثُرت المُسميّات بين أهل الإسلام، واختلط الحابلُ بالنّابل وانتسبَ إلى السنّة مَن هُو مخالفٌ للسنّة، وانتسبَ لأهل البيت والشّيعة مَنْ هُو مُخالفٌ عليهِم؛ فمن هُنا اختار سادات العترة -عليهم السّلام- أن يُميّزوا عن سائر الأقوال بالاعتزاء إلى الإمام زيد بن علي -عليهما السّلام-، وفي ذلك يقولُ الإمام شيخُ بني هاشم في زمانه عبدالله بن الحسن بن الحسن -عليهم السّلام- : ((عَلامَة مَا بَيننَا وبَينَ النّاس عَلي بن أبي طالب -عليه السلام- ، وعلامَة مَا بَيننا وبَين شِيعَتنا زَيد بن علي عليه السلام- ؛ مَن تَولّى زيداً عَلى صِفَتِه، تَولّينَاهُ؛ ومَنْ برئ مِن زَيدٍ عَلى صفته، بَرئنا مِنهُ؛ إنَّ زَيداً كَان صَحيحَاً، إنَّ زَيداً كان صحيحاً)) [المنير] ، وهذا فتمييزٌ بين الشّيعة المُحقّة، وقوله -عليه السّلام- : ((على صفَته)) يُريدُ على إمامتِه العُظمَى واستحقاقه لها لمكان الدّعوة في الأمّة، وقوله : ((صحيحاً)) يُريدُ أنّه على منهجٍ يرضاه آل الرّسول -عليهم السّلام- ، وهذا فيه تعريضٌ بالرّافضة المُنتحلة للتشيّع ولأمير المؤمنين -عليه السّلام- إلاّ أنه فارقت العترة عندما قالت بالوصيّة ولم تُثبت الإمامة العُظمى للإمام زيد بن علي -عليهم السّلام- ، فكان من جوه قولنا الإمام الأعظم زيد بن علي -عليهما السّلام- ، هُو ذلك التمييزٌ في كلام الإمام عبدالله بن الحسن -عليهما السّلام- ، وكذلك لإثبات مقام الإمامة العُظمى له -عليه السّلام- حيثُ لن يقولَ هذه اللفظة (الأعظم) إلاّ من كان اعتقادُه اعتقادُ العترة في إثبات الإمامة بطريق الدّعوة في الذريّة دوناً عن الوصايا والنّصوص، فلذلك تجدُ الإماميّة من الشّيعة تتمعّر وجوههم من هذا اللقب؛ ويوردون من الشّبه كيف تقولون الإمام الأعظَم، وأنّ هذا يُفيد إمامته العُظمى على أمير المؤمنين والحسن والحسين -عليهم السّلام- يُريدون تسقيط هذا اللقب، وهذا منهم فهمٌ خاطئ لوجوه ومقاصد إطلاق ذلك اللقب، وقد بينّاه لك .

ثمّ الجهة الثّانية : التي لأجلها قُلنا (إمام الأئمّة) ، فهُو لما أحياهُ الإمام زيد بن علي -عليهم السّلام- في الأمّة والذريّة من الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر بعد جدّه الإمام الحُسين السّبط ، فقامِ على إثرِه الأئمّة الدّعاة الكابرُ بعد الكابر، فقام بعده ابنه الإمام يحيى بن زيد ، ثمّ الإمام النّفس الزكيّة محمّد بن عبدالله، ثمّ الإمام النّفس الرضيّة إبراهيم بن عبدالله، ثمّ الإمام الفخّي الحسين بن علي الحَسنيّ، وبعده دعوات تتابَعت في أصقاع الأرض إقامة للحجّة في الأمّة، فأصبحَ الإمام زيد بن علي -عليهما السّلام- قُدوةً لهم في ذلك -وإن كان الأصلُ أنّ ذلك هُو قول الكِتاب والسنّة وقولُ آباء وعُمومة الإمام زيد بن علي حتّى أمير المؤمنين، فهم قولٌ واحدٌ- ، فقط الإمام زيد بن علي -عليهما السّلام- بدعوتِه قد أحيا ذلك واستنهضَ العترة به يقتدون به، فقال الإمام النّفس الزكيّة محمد بن عبدالله بن الحسن -عليهم السّلام- : ((وَاللهِ لَقَدْ أَحْيَا زَيْدُ بن عَلِيٍّ مَا دَثِرَ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ، وَأَقَامَ عَمُودَ الدِّينَ إذَ اعْوِجَ، وَلَنْ نَنَحُوا إلاّ أَثَرَهُ وَلَنْ نَقْتَبِسَ إلاّ مِنْ نُورِهِ، وَزَيْدٌ إمَامُ الأَئِمَّةِ وَأَوَّلُ مَنْ دَعَا إِلَى الله بَعْدَ الْحُسَيْنِ بن عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)) [تيسير المطالب في أمالي أبي طالب] ، وقولُه : أوّل من دعا إلى الله بعد الإمام الحُسين يُريدُ دعوةً جامعة تامّةً متحقّقة الخروج والقِتال للظّلمة، لأنّه قد سبقها دعوة الإمام الرّضا الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب -عليهم السّلام- إلاّ أنّ دعوته لم تتمّ لمّا سبق عبدالملك بن مروان إلى إجهاضِ ذلك الخروج قبل وصولِه -عليه السّلام- إلى الكوفة ، فيتنبّه ناظرٌ؛ فهذا من الإمام النّفس الزكيّة -عليه السّلام- في إثبات قولنا : إمامُ الأئمّة في حق الإمام زيد بن علي -عليهما السّلام- ، فهذا معه التّأسي لما أحياهُ فيهم من منهجِ أهله الإمام زيد بن علي -عليهم السّلام- ، ثمّ في هذا الكلام ردّ على الرّافضَة الذين جعلوا دعوة الإمام زيد بن علي -عليهما السّلام- وقوله باشتراط الدّعوة للأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر في الأمّة شرطاً للإمامة؛ مُخالفةً على نهج العترة زعموا، فأبطل الإمام النّفس الزكيّة وغيره من سادات العترة -ومنهم الإمام الصادق جعفر بن محمد- قولَ الرّافضَة هذا ؛ فكان قولُهم : ((إمام الأئمّة)) ردٌّ من وجهٍ لقول الرّافضة في ذلك الزّمان ، فيتأمّل ناظرٌ لوجوه ومقاصد الأئمّة في إطلاقِاتهم وحقيقة أقوالِهم .

ثمّ أيضاً أشيرُ إلى أنّك قد تجدُ في إطلاقات بعض أهل العلم في حقّ الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين -عليهم السّلام- بأنّه : إمامُ أئمّة اليمن، وهذا يُفيدُ أنّه قدُوة في دعوته وخُروجه في حقّ سادات العترة الدّعاة في اليمَن -وإن كان الجميعُ من بني الحسن والحسين لهم قدُوةٌ فالأصولُ واحدة- ، وهذا أتينا به ليستحضرَ النّاظر أنّه ليس في قولنا : إمامُ الأئمّة، ما يفيدُ أفضليّة على أمير المؤمنين ولا على الحسن ولا على الحسين -صلوات الله عليهم في العالمين- ؛ فيتنبّه ناظرٌ.

ويتنبّه نبيهٌ أنّ هذه الألفاظ ذات توجيهِ من العترة معها إلفاتُ الباحث إلى معانٍ عقائديّة تدلّه على منهج العترة، فإنّ قول العترة : الإمام الأعظم ، أو إمامُ الأئمّة في حقّ الإمام زيد بن علي -عليهم السّلام- معها نفي النّصوص والوصايا والحصرُ في الاثني عشر كما تقولُه الإماميّة ، ومعها إثبات طريق الإمامة بالدّعوة، والعلَميّة التي ارتضاها العترة لهُم وعليهم في الاعتزاء إلى الإمام زيد بن علي كما وقفت من قولِ الإمام زيد بن علي -عليهم السّلام- ، وكذلك قال الإمام صاحبُ فخ الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب -عليهم السّلام- : ((مَنْ قَام مِنّا أهلَ البَيت داعياً إلى اللّه وإلى كِتابِه وإلى جِهاد أئمّة الجور فَهُو مِن حَسنَات زَيد بن علي ، فتحَ والله لنا زيد بن علي بَاباً إلى الجنّة، وقال لنا: ((ادْخُلوها بسَلام)) [المحيط بالإمامة] .

وكذلك في إثبات طريق الدّعوة من رواية غيرنا عن الإمام السجّاد علي بن الحسين -عليهما السّلام- ؛ فيروي الحاكم الحسكاني الحنفيّ، بإسناده ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ : … فَقُلْتُ: السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ قَالَ: ((مَنْ شَهَرَ سَيْفَهُ وَ دَعَا إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ)) [شواهد التنزيل:2/156] ، ونحو هذه الرّواية روى الشيخ الصدوق -من الإماميّة- عن الإمام الباقر –عليه السّلام- [معاني الأخبار:105] .

وبهذا تمّ الجواب والبيان، ومعه تتّضح المقاصد، فمن أصرّ على أنّ المعنى تفضيلٌ على مقام أمير المؤمنين والحسن والحسين -صلوات الله عليهم- ؛ فلا يخلو من تدليسٍ وعنادٍ؛ وهذا فلا جوابَ عليه ولا بيان له؛ إلاّ بالعودة إلى التقّوى وخشية الله ، فليس سبيلُ العِلم إلاّ أن يكون واجداً للحجّة والبيان في ذاتِه، لا أن يعتقدَ بذلك العِلم كلّ واحدٍ من النّاس، فللنّاس أهواءٌ ومشاربُ ، والحمدلله .

وفقكم الله

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

____________________________________________

السّؤال العشرون :

مولانا السلام عليكم ورحمه الله نريد ردا جامعا مانعا قاطعا على الذين يدعون أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعه .. حفظكم الله ؟

والجواب :

حوار بين أحمد وخالد هل المولد النبوي بدعة؟! :

🔴 خالد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

🔵 أحمد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

🔴 خالد : لقد حصل لي موقف لا أحسد عليه يا أحمد ، لقد كنت مع أصدقائي وجاء معهم صديق جديد وتكلم عن المولد النبوي وقال أنه بدعة ، وأن إقامته حرام ، قدمني أصدقائي للرد عليه ولكن لم أستطع يا أحمد ، قال أن البدعة : هي ما لم يفعله رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، والمولد لم يفعله الرسول .

🔵 أحمد : لا بأس عليك يا خالد ، هذا تعريف خاطئ للبدعة ، ويلزم منه أن ركوب الطائرة والسيارة بدعة لأن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله لم يركبها ، والجوال بدعة لأن الرسول لم يستخدمه .

🔴 خالد : فعلا هذا كلام ملزم ، ولكن ما تعريف البدعة يا أحمد؟!.

🔵 أحمد : البدعة يا خالد هي ما نسب من الأقوال أو الأفعال إلى السنة وليس منها (ليس من السنة) ، مثلا أن نقول أن استخدام الفرشاة والمعجون سنة ، فهذا القول منا بدعة ، لأننا ابتدعنا ونسبنا للشرع (السنة) ما ليس منه ، أو خالفت السنة ، أو ناقضتها.

🔴 خالد : يعني هذا أننا لا نقول أن المولد النبوي سنة وإلا كان إحياؤنا له بدعة ؟!.

🔵 أحمد : نعم أحسنت يا خالد ، المولد النبوي هو مظهَر حسَنٌ لا يخالف السنة ولا يناقضها ، استحسَنه المُسلمون لمّا كانَ فيه من الفائدَة التي تعودُ على الفرد والمُجتمَع بإحيَاء ذكرَى نبيّنا الأعظَم صلوات الله عَليه وعلى آله في نُفوس النّاس ، فيتّجهون يتأسّونَ به يتذكّرون شَمائلَه وأخلاقَه وهَديَهُ كتاباً وسنّةً ، وكلّ الأيّام ذكرىً نبويّة في حياةِ المُؤمنين ، فقط ذلكَ اليَوم صادفَ يوم ولادَته ، وأيضا كان له أصلٌ في الشّرع ، فإنّه قد أثِر عن النّبي صلوات الله عَليه وعلى آله أنّه قالَ وقد سُئلَ عن صيامِ يوم الاثنين ، فقال : ((ذَلك يَومٌ وُلدتُ فِيه وَأنزِلَ عَليّ فِيه)) ، رواه الإمَام المُرشد بالله في الأمالي الخميسيّة ، ورواه مُسلم في صحيحِه ، فانظر كيف خص رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله اليوم الذي ولد فيه بالذكر والفضل ، فالمسلمون يحق لهم أن يحيوا هذه الذكرى في نفوسهم شكرا لله على ذلك المولد الشريف الذي أحيا الله الإسلام والأخلاق والكرامة في نفوس الأمة.

🔴 خالد : حجة بينة وواضحة يا أحمد ، لا أخفيك لقد كنت أشك في إحيائنا للمولد ، والآن أصبحت أكثر معرفة بالحجة .

🔵 أحمد : بارك الله روحك وأيامكم يا خالد ، وانشرها لغيرك ، لئلا يأثم البعض في تبديع وتضليل إخوتهم ، فيكون الجميع بذلك إخوة متحابون ، صلوا عليه وسلموا تسليما .

اللهم صل وسلم على محمد وعلى آل محمد. ..

______________________________________