فهرس الشبهات الإمامية والرد عليها, أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر

3 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر الذي لا يجد ناظر بد من أن يعود إلى كبار علماء الإمامية في أزمانهم كالشيخ الصدوق أو المفيد أو غيرهما بعدم الوثاقة

🟦 * (3) أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر الذي لا يجد ناظرٌ بدّ من أن يعودَ إلى كبار عُلماء الإمامية في أزمانهم كالشيخ الصدوق أو المفيد أو غيرهما بعدم الوثاقة؟!
🟥– مبحثٌ متفرّعٌ : وإذا قد كنا نقولُ بأنّ الأخبار حُرّفَت وإن كان الرّواة لها هم جبال الحفظ عند الإماميّة؛ فهل هذه دعوى مذهبيّة منّا، أم أنّها حقيقة أقرّ بها عُلماء الإمامية في حق بعض رجالهم؛ لعلّني في هذا المبحث المتفرّع أسلّط الضّورء عل جبل الوثاقَة عند الإماميّة الشّيخ الصّدوق محمّد بن علي القمّي؛ لتكون قراءة الباحث لما سبقَ –ولما سيأتي من نسبة التحريف في الأخبار وتعمّدها- محمولة بجديّة أكثَر.
لقد كان الشّيخ الصدوق بمحلٍّ من التّساهُل والغفلَة عند تلميذِه الشيخِ المُفيدِ -لمن قد اطّلع على نقد الشّيخ المفيد لشيخِه الشّيخ الصّدوق- ؛ ثمّ هُو -أي الشّيخ الصّدوق- قد اعتاد تغيير الرّوايات والإضافة عليها وتغيير ألفاظها؛ فأنّى يكونُ حالُ تراثٍ روائي هذا حالُ جبل الوثاقَة فيه؟! ولذلك نحنُ نقولُ بأنّه تراثٌ روائيّ مُظلم؛ لأن قوام فقه وتراثٍ روائيّ عظيمٍ مَهول هُو هذا الرّجل، بل وروايات لأصولٍ وكُتبٍ!. حتى قال الشيخ عبّاس القميّ : ((وظنّي أنّه لولاهُ [أي الصّدوق] لاندَرَست آثار أهل البَيت -عليهم السلام- )) [هدية الأحباب:71] ، وكيف لا وقد ذكرَ البعضُ أنّ رواياته في التّراث الإمامي نافَت على العشرين ألف روايَة !.
🟥– الشّيخ الصّدوق وشهادَة أصحابِه عليه في التغيير على الرّوايات؛ فكيف إذا علمتَ أنّه قد ينفردُ بروايات يجعلُها أصحابُه حجّةً في عدد من المسائل!.
🟥– فيقولُ المجلسيّ الأوّل معلّقاً على خبرٍ ساقَه الشيخ الصّدوق : ((والظَّاهِرُ أنّ هَذِه الزِّيادَة المُخِلَّةُ مِنَ الصَّدوق)) [روضة المتّقين:4/106] ، وقال أيضاً عن أحد الأخبار: ((فَتدبّر في التّغييراتِ المُخِلّة)) [روضة المتّقين:3/191] ، وقالَ عن خبرٍ آخَر : ((والظّاهِرُ أنّ هَذهِ التّغييرات المُخِلَّة بِالفَهْمِ؛ إنّما وَقعَت لإسقَاط السَّنَد؛ وسَقطَ بَعضُه سَهْواً، ويُحتمَلُ كَونُه مِنَ النّسّاخ وهُو بَعيدٌ)) [روضة المتّقين:1/300]؛ واستبعاد المجلسيّ لكونِه من النسّاخ؛ لمكان ما اشتُهر من حال الشّيخ الصّدوق في التغيير والتصرّف في الأخبار والزّيادة عليها بزيادات تُخلّ بمعاني الأخبار!. وقال محمّد تقيّ المجلسيّ عن خبرٍ آخَر: ((والظَّاهِرُ أنَّ الصَّدوقَ أخَذَهُ مِن كِتابِ الحَلَبي؛ وغَيَّرَ بَعض التّغييرَاتِ المُخِلَّة)) [روضة المتّقين:1/390]، ويقولُ المجلسيّ : ((لما غَيَّر المُصَنِّفُ [أي الصّدوق] العِبارة الأولى ؛ غَفل عَن تَغيير مَا بعده كما يَقع كَثيراً منه)) [روضة المتقين:11/233] ، فتتأمّل أنّ من قولِه (كثيراً) أنّ ذلك أصبحَ عادةً للشّيخ الصدوق في تغيير الأخبارِ والمُتون والتصرّف فيها.
🟥– وقال السيستاني –المُعاصر من الإماميّة- : ((ومَن راجَع (الفقيه) يِجد أنّ دَأب الصّدوق -قُدس‌ سره- عَلىٰ تَعقِيب بَعض الرّوايات بكلامٍ لنَفسِه مِن دُون فَصلٍ مُشعر بالتّغاير ـ كما أنّ الأمر كَذلك في التهذيب ـ ومِن هُنا قَد يَشتبهُ الأمرُ عَلىٰ النّاظر فَيعدّ كَلامه جُزءاً مِنَ الرِّوايَة)) [قاعدة لا ضرر ولا ضرار:27].
🟥– وقال المجلسي الأوّل: ((وعلى أيّ حَال؛ فَالتغييُر الذي مِنَ المُصِنِّف [أي الصّدوق] مُخِلُّ بالمعنَى، ومُخالِفٌ للأخبَار ولِقَول الأصحَاب)) [روضة المتقين:7/388].
🟥– ويقولُ المجلسيّ : ((والظّاهِر أنّه [أي الصّدوق] نقلَهُ بالمعنَى، وأسقَطَ بَعضَه)) [روضة المتقين:3/180] ، ويقول محمد تقيّ المجلسيّ -أيضاً –وهذا نقلٌ مفيدٌ في البداء في حقّ إسماعيل ومن يتعلّق بقول الصّدوق فيه ، وهو في الزيارة والسّلام على الإمام موسى الكاظم – : ((وَأسقطَ المصنّف [يعني الشيخ الصّدوق] قَولَه : (يَا مَنْ بَدا لله) لأنّه لا يَعتقِدُ هَذا الخبر الذي نُقِلَ أنّه بَدا لله في إسماعيل ، والأخبَار في البَداء عِندنا مُتواتِرَة ، لا يُمكن نفيه حتى يترك هَذا الخبر لأجله ، ومعناهُ : أنّ الإمامة لمّا كانت في الأكبر من الأولاد بعد وفَاة الأب ، ولمّا كَان إسماعيل أكبَرُ الأولاد ، كانَ جميع الأصحَاب يَنتظرُونَه، فَلمّا مَات ظَهر لَهم أنّه لم يَكُن إمَامَاً ؛ فَأُطلِق البَداء عليه بِاعتبار ظُهورِه عِندَ النّاس ؛ لأنّه لا يتغيّر عِلم الله أبداً ، أو كانَ إمَامته في لَوح المَحو والإثبَات ، ومحى وأثبتَ إمَامة مُوسى -عليه السلام- لمَصْلَحَة لا نَعرفها ، كما في أكثر مَا يُمحَى خَبراً كَان أو حُكما ، و لو عَرفه العُلماء لم يَعرِفْه العَوامّ ، فكَانَ عَدم ذِكره أولى)) [روضة المتقين:5/440-441] ، وفي هذا فتأمّل لتعرف حقيقة البداء ، ولتعلَم أنّ هذا ينقضُ وجود النصّ على الاثني عشر قبل الغيبَة تامّاً على لسان رسول الله –صلوات الله عليه وعلى آله- ، وكيفَ أنّ جميع!! الأصحاب ينتظرونَ إمامَة إسماعيل بعد أبيه جعفر ، واربطه بحيرة كبار أصحاب الإماميّة بعد موت الإمام الصّادق –عليه السّلام- كهشام بن سالم وأبي بصير ومؤمن الطّاق وغيرهم كما في (الكافي) لا يعرفون إمامهم بعد إمامهم ، وكيفَ يتشبّث البعض بأقوال الصّدوق للخروج من مأزق البداء هذا الذي نسفَ النصّ ، والصّدوق إنّما يستحدثُ أفهاماً تخصّه لروايات أصحابه يغيّر فيها ليتخلّص من إلزامات مخالفيه ، ثمّ تأمّل كيفَ أنّ هذا يثبتُ قولنا بأنّ الأخبار بعد عصر الغيبَة اختُلِقَت !. وكقولِ المجلسيّ يقولُ الشيخ علي أكبر غفاريّ بعد أن ذكرَ وجوهاً من إسقاط تلك العبار في البدَاء: ((أو أسَقطهَا المُصنّفُ [أي الصّدوق] وهُو الأظهَر؛ لأنّه لا يَعتقُدُ الخَبر الذي نُقل عَن الصادق -عليه السلام- أنّه قال: ((مَا بدا للّه بدَاء كمَا بدا له في إسمَاعيل ابني)) [حاشية تحقيق من لا يحضره الفقيه:2/601].
🟥– ويقولُ المحقّق يوسف البحراني عن روايةٍ أوردها : ((والظّاهر أنّ هذا التّفسير مِن كَلام الصّدوق الذي يُدخِلُه غَالباً في الأخبَار)) [الحدائق الناضرة:18/230] ، فتقيّ المجلسي قريباً يقولُ (كثيراً) والبحراني هُنا يقولُ (غالباً) في تصرّف الشيخ الصّدوق بالأخبار، والسّبزواري يقولُ (كثيراً) ؛ وهذا كلّه فيقودُ إلى أنّ روايات الشيخ الصّدوق –خصوصاً ما يتفرّد به- تبقى محلّ نظرٍ كبيرٍ ، لا سيّما وهو كثير الجدَل مع مُخالفيه كما عرفتَ ؛ حتّى أقرّ بذلك المجلسي عندما روى الشيخ الصّدوق روايةً في كتابه (التّوحيد) بإسنادِه إلى الكليني ، ثمّ هذه الرّواية في (الكافي) مخالفةٌ لروايَة الشّيخ الصّدوق ، فقال المجلسي : ((هَذا الخبرُ مَأخوذٌ مِن الكَافي، وفَيه تَغييراتٌ عَجَيبة تُورِثُ سُوءَ الظنّ بالصَّدوق ، وإنّه إنّما فَعَلَ ذَلك ليُوافق مذهب أهل العَدل، وفِي الكافي هَكَذا: أيها السّائل .. [ثم ساق المجلسي تمام رواية الكافي])) [بحار الأنوار:5/156] ؛ فتتأمّل قولَه أنّه غيّر في ألفاظ الرّواية لِتُوافقَ الرّواية قول أهل العدل دوناً عن أهل الجَبر؛ وذلك أنّ عامّة مشايخ القمّيين والإمامية في ذلك الزّمان كانوا على القول بالتجسيم والجبر بناءً على تلك الأخبار التي أعادَ تغيير جُملة منها إلى العَدل الشّيخ الصّدوق، وقد مرّ معك من حكايَة بعض الباحثين أنّ روايات الشيخ الصّدوق في تراث الإمامية نافَت على العشرين ألف روايَة؛ وتغيير المعاني والمُتون معه حرفُ وتغيير فكرٍ طائفةٍ بأكملها قامت على أُسس تلك الرّوايات .
🟥– وكذلك يقولُ المحدّث النّوري الطّبرسي عن تصرّف الشيخ الصّدوق في المتون ، قال : ((هَذا ويظهر من بعض المواضع أنّ الصّدوق -رحمه الله- كان يختصر الخبر الطّويل ، ويُسقِطُ منه ما أدّى نَظره إلى إسقَاطِه))[مستدرك الوسائل:11/171].
🟥– وقال أستاذ العُلماء المحقّق أسد الله الكاظميّ : ((وبالجُملَة فَأمْرُ الصَّدوقِ مُضْطِربٌ جِدّاً ، وَلا يحصُل مِن فَتَاواه غَالباً عِلمٌ وَلا ظنّ؛ [لا كما ظ] يحصُل من فتاوى أساطِين المُتأخّرين، وكذا الحالُ في تصحيحِه وترجيحِه،…، وربّما طَعنَ عَليه بَعض القُدمَاء بِمِثل ذَلك في حَديثٍ رَواه في العَمل في الصَّوم بالعَدَد، وهَذا عَجيبٌ مِنْ مِثلِه)) [كشف القناع عن وجوه حجية الإجماع : 213] ، قلتُ: وهذا الحديثُ الذي في العدَد؛ رواهُ الصّدوق في كتابه الذي جعلَه صحيحاً [مَن لا يحضرهُ الفقيه:170] ؛ واستدركَ عليه الشّريف المُرتضى بقولِه : ((أمّا هَذا الخَبر فَكأنّهُ مَوضُوعٌ ومُرتَّبٌ عَلى مَذهَب أصْحَابِ العَدَد، لأنّه عَلى تَرتِيب مَذهبهم، وقَد احتُرِس فِيه مِن المَطاعِن، و استُعمِل مِن الألفَاظ مَا لا يَدخُلُه الاحتمَال والتّأويلُ، ولا حُجَّةَ في هَذا الخبر ولا في أمْثَالِه عَلى كُلّ حَال)) [رسائل المرتضى:2/30] ، قلتُ: وكذلك نرى في أخبار الإماميّةِ أخباراً يتمّ تفصيلُها عن أخيار ولد الحسين –عليهم السّلام- على القضايا التي تفرّدت بها الإماميّة في النّصوص والعصمَة وأحوال الأئمّة وأمثالها من العقائد؛ تفصيلاً يُحترسُ فيه من المطاعِن، ويغترّ به غير ذي العلم والتّحقيق، والله المُستعان؛ وهذا فمن قَبيل ما عابه الشّريف المُرتضى على أصحابه من أخبار العدد المُفصّلة لذلك الغرض في أصحّ كُتبِ أصحابهم.
– قال الخوانساري : ((ومِن المَنقول عن شيخنا العلاّمَة البحراني -المتقدّم ذكرِه في باب السّين- : أنّه قال فى بعض حَواشيه على كتابه (البلغة) : كَان بعَضُ مَشايخنَا يَتوقف في وثَاقة شَيخنَا الصّدوق)) [روضات الجنات:6/133] ، وكذلك قال العلاّمة الحرّ العامليّ يصفُ المُعاصرين من أهل زمانه : ((والحاصل أن حَاله [أي الصّدوق] أشهَر مِن أن يخفى؛ ومَع ذلك فَإن بعضَ المُعَاصِرِين الآن يَتوقّفُ في تَوثِيقِه؛ بَل يُنكر ذلك؛ لعَدم التّصريحِ بِه)) [الفوائد الطوسيّ:07] ، وقال الكلباسي –يذكر علّةً أخرى في عدم التوثيق؛ غير عدم التصريح بتوثيقِ المتقدّمين له-: ((لأنّه وإن كان في أعلا دَرجَة الزُّهد والعبادة والتّوفيق والسّعَادة، إلا أن الضّبط في الحَديث أمرٌ آخَر يحتاجُ إلى الثّبوت. وكذَا مَا ذَكرَه بَعضُ عُلماء الرِّجَال في حَق الصّدوق المُجمَع على عدالته: مِن أن تَوقّف بَعضٍ في اعتبار رِوَايتِه؛ لَعلّه لعَدم ثُبوت ضَبطِه)) [سماء المقال في علم الرّجال:2/210] ، وهذا فنتيجةٌ مُتوقّعةٌ لمن كان حالُه ذلك الاضطراب الذي وقفتَ عليه –وستقفُ عليه بإذن الله تعالى- ؛ وقد مرّ معك قولُ الكجوريّ : ((وَكذلِك قَال السيد المرتضى -رحمه الله- : إنّ الصَّدوقَ كَذوبٌ في هَذه المسْألَة)) [الخصائص الفاطميّة:2/245] ، يُريدُ مسألة إثبات سهو النّبي؛ مع أنّ الصّدوق يدّعي في ذلك أخباراً لا يسعُ إنكارُ مثلها؛ ولم يمنعه ذلك من تكذيبِه؛ فكيفَ إذا قد تجاوزَ الأمرُ إلى تصرّفاتِ في المتون والأسانيد؛ فذلك أدعى لتطلب مُستند التّوثيق من مشايخ الإماميّة أولئك في كلام البحراني.
🟥– فلا جرمَ، قُلنا أنّه تراثٌ روائيٌ مُظلمٌ، يصيغه غير الأكفَاء؛ والعترة غائبة من اثني عشر قرناً، والله المُستعان؛ ليعودوا يجعلوا فكرَهم خاصّتَهم فكراً للعترَة!.

🟥– منتزع من مبحثنا (الشّيخُ الصّدوق والاضطرابُ الحديثيّ والعلمي في منهجيّته).

2 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر
https://wp.me/p3zlyI-4Wx

1 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة
https://wp.me/p3zlyI-4W9

فهرس الشبهات الإمامية والرد عليها, أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر

2 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر الذي لا يجد ناظر بد من أن يعود إلى كبار علماء الإمامية في أزمانهم كالشيخ الصدوق أو المفيد أو غيرهما بعدم الوثاقة

🟦 * (2) أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر الذي لا يجد ناظرٌ بدّ من أن يعودَ إلى كبار عُلماء الإمامية في أزمانهم كالشيخ الصدوق أو المفيد أو غيرهما بعدم الوثاقة؟!

🟥– ثالثًا: رواية الكليني صحيحة الطريق عنده، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: ((دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ ع وَ بَيْنَ يَدَيْهَا لَوْحٌ فِيهِ أَسْمَاءُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهَا فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ ع ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌ‌)) [الكافي:1/532].

🟦– الوقفة الأولى مع الرواية الثالثة: نجدُ فيها أن يفيد قسمَين في الدلالة؛ كلاهما يدل على الثلاثة عشر إمامًا؛ القسم الأول: فإنه يدلّ على ثلاثة عشر؛ اثنا عشر من ولد فاطمة –صلوات الله عليها- ثم الثالث عشر هو أمير المؤمنين -عليه السلام-. ثم القسم الثّاني قوله: ((ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌ‌))؛ وهو تأكيدٌ للعدد اثني عشر من ولد فاطمة؛ يؤكد أن الأئمة ثلاثة عشر؛ فالمحمدون الثلاثة: الباقر والجواد وابن الحسن العسكري –سب ما تعتقده الإمامية-؛ ثم الثلاثة الذين أسماؤهم عليّ –وهم من ولد فاطمة- :السجاد، والرضا، والهادي؛ فالخبر بكلا قسميه يدل على ثلاثة عشر إذا ما اعتبرنا أمير المؤمنين –عليه السلام-.

🟦– الوقفة الثانية: نجدُ فيها الشيخ الطوسي بإسنادٍ ثانٍ يؤيدُ خبر الثلاثة عشر الذي رواه الكليني؛ فيروي الطوسي؛ بإسناده؛ عنْ أَبِي السَّفَاتِجِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: ((دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ ع وَ بَيْنَ يَدَيْهَا لَوْحٌ فِيهِ‌ أَسْمَاءُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهَا فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً آخِرُهُمْ الْقَائِمُ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌ‌ِ)) [الغيبة:139]، وفي هذا الخبر أيضًا قسمان؛ كلاهما يدلّ على أن الأئمة ثلاثة عشر، القسم الأول قوله: ((أَسْمَاءُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهَا فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً))، والقسم الثاني: ((ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌ‌ِ)).

🟦– الوقفة الثالثة: نجدُ فيها أن الشيخ المفيد قد روى الرواية وقد محرَفَة القسم الثّاني؛ والقسم الأول في نفس روايته ينقضُ قسمه الثّاني الذي رواه؛ والسّندُ في تهمة التّحريف ليسَ فيها إلاّ هُو أو شيخُه أبو القاسم جعفربن محمد ابن قولويه الذي أكثرَ عنه لشيخ المفيد؛ ثم ابن قولويه يروي عن الكليني بتمامٍ سندِ الكليني الذي ذكرناه في الرواية الثالثة؛ فيقول الشيخ المفيد: أخْبَرَني أبو القاسم جعفرُ بن محمد [هو ابن قولويه] ، عن محمد بن يعقوب [هو الكليني] ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين [هو ابن أبي الخطاب الوارد في الرواية الثالثة]، عن ابن محبوب، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر محمد بن عليٌ ، عن جابرِ بن عبد الله الأنصاري قالَ : ((دَخَلْتُ على فاطمة بنتِ رسولِ الله وبين يديها لوحٌ فيه أسماءُ الأوصياءِ والأئمةِ من وُلْدها فعَدَّدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً اخِرُهم القائمُ من وُلْدِ فاطمة ، ثلاثةٌ منهم محمدٌ ، وأربعة منهم عليٌ)) [الإرشاد:2/346]؛ فالقسم الأول من الخبر: دلّ على اثني عشر ((فيه أسماءُ الأوصياءِ والأئمةِ من وُلْدها فعَدَّدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً))؛ فولد فاطمة اثني عشر؛ وهذا القسم فنفس مدلول رواية الكليني والطوسي في العدد اثني عشر من ولد فاطمة ثم هو يدل على ثلاثة عشر إذا ما اعتبرنا زيادةً أمير المؤمنين –علي السلام-. ثمّ القسم الثاني: حرّف مضمون الصحيفة الذي فيه اثني عشر اسمًا هم ولد فاطمة؛ ليصبح مضمون الصحيفة ثلاثة عشر؛ حيث زادت الرواية شخصًا رابعًا اسمه علي؛ بينما رواية الطوسي والكليني –السابقة- إنما هي ثلاثة أسماؤهم علي؛ ففي رواية المفيد: ((ثلاثةٌ منهم محمدٌ ، وأربعة منهم عليٌ)) ، فأضافَ تحريفًا وزيادةً مذهبيّةً شخصًا رابعًا هو عليّ؛ بينما رواية الكليني –الذي يرويه عن المفيد- والطوسي: ((ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌ))؛ فتأمل أن عدم الوثاقة إما تلحق المفيد أو ابن قولويه شيخه أو تلحق كتاب الإرشاد؛ وأيّ منها فيرفع الاعتماد لا سيما في أخبارٍ جوهريّةٍ في المعرفة؛ الذي يتنبه إليه الناظر أن رواية الشيخ المفيد هي عن الكليني، والكليني قد وقفت على روايته.

🟦– الوقفة الرابعة: ما سبق يدلك إلى جانب الروايتين –الأولى والثانية اللتين رواهما الكليني- على أصالة خبر الثلاثة عشر في الاختلاق بعد الغيبة؛ وأنه ليس فقط مجرد تحريف.

🟦– الوقفة الخامسة: فبعد أن اتفق الكليني والطوسي على متنٍ واحدٍ في الرواية؛ ثم حرّفت رواية الشيخ المفيد القسم الثاني في عدد مَن اسمهم عَلي؛ فإن روايات الشيخ الصدوق تدرجت في التحريف؛ لتدلنا على أنّه معنيّ بالتحريف؛ نفصّل ذلك حسب كُتبه:

🟦– في كتاب (الخصال) حذف كلمة: (من ولدها) ولكن يبقى أن الخبر يفيد ثلاثة عشر: فيروي الشيخ الصدوق نفس خبر الكليني والطوسي؛ في إفادة الثلاثة عشر، الاثني عشر من ولد فاطمة، ثم المحمدون الثلاثة وثلاثة أسماؤهم عليّ؛ قال الشيخ الصدوق: حدَّثَنَا أَبِي، قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، ع عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: ((دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ ع وَ بَيْنَ يَدَيْهَا لَوْحٌ فِيهِ أَسْمَاءُ الْأَوْصِيَاءِ فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ أَحَدُهُمُ الْقَائِمُ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌّ)) [الخصال:2/476]. فعليٌّ الرّابع خارجٌ من الأسماء وهو أمير المؤمنين؛ فكان الاثنا عشر في الخبر هُم من ولد فاطمة؛ فيكون التحريف واضحًا في حذف كلمة (من ولدها) التي جاءت في رواية الكليني والطوسي بل والمفيد! وهذا في التحريف فإما عائد إلى الصدوق، أو والده، أو سعد بن عبد الله الأشعري، إلى كتاب (الخصال)؛ والصدوق أقربهم في التههمة لما عُلم من حاله أنه يغيّر كثيرًا في الروايات يتصرف فيها لتتوافق وما يعتقده، وقد أفردنا لذلك مبحثًا يخصّه، وسيدلك على ذلك ما سيأتي من التدرج في التحريف الذي جاء في وايات الشيخ الصدوق في بقية كتبه.

🟦– في كتاب (كمال الدين) أثبت كلمة (من ولدها) ، وحذف كلمة: (وثلاثة منهم علي)، واستبدلها بـ (أربعة منهم علي) ولكن يبقى أن الخبر يفيد ثلاثة عشر: فيروي الشيخ الصدوق نفس رواية الشيخ المفي لمن رواية الشيخ المفيد كانت عن طريق الكليني، فأما رواية الشيخ الصدوق في (كمال الدين) فيقول: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: ((دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ ع وَ بَيْنَ يَدَيْهَا لَوْحٌ فِيهِ أَسْمَاءُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهَا فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)) [كمال الدين:1/269]؛ فأًبح القسم الثاني من الخبر يدل على ثلاثة عشر اسمًا وهذا فينقض القسم الأول الذي يدل على أن أسماء الأوصياء اثني عشر من ولد فاطمة!

🟦– في كتاب (عيون أخبار الرضا) حذف كلمة (من ولدها) ، وحذف كلمة: (وثلاثة منهم علي)، واستبدلها بـ (أربعة منهم علي) ليعود الخبر يدل على الاثني عشر: وهذا فأحش تحريفٍ حصل في قسمَي الخبر؛ فيروي الشيخ الصدوق قال في (عيون أخبار الرضا) بإسناده الأول: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: ((دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء فعددت اثنا عشر آخرهم القائم ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم على عيهم السلام)) [عيون أخبار الرضا:2/52]، وفي الإسناد الثان يقول الصدوق: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم جميعًا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: ((دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء فعددت اثنا عشر آخرهم القائم عليه السلام ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم على عليهم السلام)) [عيون أخبار الرضا:2/52]، وهذا فيؤدي في التتبع أن التحريف معنيٌّ به الشيخ الصدوق ليتوافق وعقيدة الاثني عشرية.

يتبع (3) …

3 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر
https://wp.me/p3zlyI-4WD

1 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة
https://wp.me/p3zlyI-4W9

فهرس الشبهات الإمامية والرد عليها, أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر

1 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر الذي لا يجد ناظر بد من أن يعود إلى كبار علماء الإمامية في أزمانهم كالشيخ الصدوق أو المفيد أو غيرهما بعدم الوثاقة

🟦 * (1) أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر الذي لا يجد ناظرٌ بدّ من أن يعودَ إلى كبار عُلماء الإمامية في أزمانهم كالشيخ الصدوق أو المفيد أو غيرهما بعدم الوثاقة؟!

الفطحيّة كانت كالاثني عشرية كانت تُنازع الاختلاق والاصطناع بعد موت الإمام الحسن العسكريّ -عليه السلام- سنة (260هـ)؛ وذلك الزمان هو زمان اختلاق النص على الاثني عشر في أواخر القرن الثالث بدايات القرن الرابع؛ والفطحية منهم مَن كان يؤمن بالاثني عشر ويضيفون إليهم عبد الله الأفطح في البين بينَ الصّادق والكاظم كإمامٍ ثالث عشر؛ وفي زمن الاختلاق الذي أشرنا إليه -قريبًا- فإن حضور اختلاق خبر الثلاثة عشر كان أكثر حضورًا من خبر الاثني عشر؛ حتّى نشط من يؤمن بالاثني عشر في الاختلاق؛ ثمّ لما هيمَنوا بانقراض الفطحيّة في الأخبار التي تزايدَت فيما بعد؛ فإنّ خبر الثلاثة عشر أصبحَ هُو الشاذّ؛ وأصبحَ أييسر ما يتكلّم به الاثنا عشريّ بأنه خبرٌ مُحرّفٌ مٌصحَّفٌ؛ ونحنُ في هذه المادّة سنقدّم للباحث التعدديّة المصدريّة في مصادر ما بعد الغيبَة لخبر الثلاثة عشر ليتبين أصالته لا أنّه محرّف؛ وعندما نقولُ أصالته فذلك ناظرٌ إلى ما بعد الغيبة فأمّا ما قبل الغيبَة فلا أصالَة بل ولا مجرّد ذكرٍ يُطمئنُّ إليه في المصادر الإمامية بل ولا في الذهنية العلمائية لكبار أصحابهم؛ فيتنبّه ناظرٌ إلى كبروية هذا الطرح وهو أنّ الاختلاق حاصلٌ في خبر الاثني عشر كما أنّه كان حاصلاً في خبر الثلاثة عشر؛ وأنّ الدّعوى المذهبيّة كانت هي العاملة؛ سواء قلنا دعوى مذهبيّة للفطحيّة أو دعوى مذهبية ممن قال بأنّه هناك إمامٌ بعد محمد بن الحسن العسكريّ، أو غير ذلك؛ ثم كبرويّةٌ أخرى وهي أنّ التحريف كانَ في مصادر كبار علماء الإمامية وأنّهم المتهمون به في مصادر أصحابهم، وها فيرفع الوثاقة ويضع أمام الباحث أنّ تراثًا لأعلام بني الحسين -عليهم السلام- قد طاله التحريف المهبي داخل التراث الإمامي ليتوافق وما تعتقده الإمامية في النصوص …

🟦– أولًا: رواية الكليني صحيحة الطريق عنده، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُورِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ -عليه السلام-؛ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: ((إِنِّي وَ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ زِرُّ الْأَرْضِ يَعْنِي أَوْتَادَهَا وَ جِبَالَهَا بِنَا أَوْتَدَ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي سَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ لَمْ يُنْظَرُوا) [الكافي:1/534].

🟥– الوقفة الأولى مع الرواية الأولى: أكدت الرواية في صدرها وآخرها على أن الأئمة ثلاثة عشر؛ قوله: ((وَ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ)) ثمّ في آخرها: ((فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي))؛ فليس الاثنا عشر من ولد رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- بل هم أحد عشر وعليٌّ الثّاني عشر؛ فالرواية تشيرُ إلى ثلاثة عشر إمامًا.

🟥– الوقفة الثّانية: بدأ التحريف في رواية الشيخ الطوسي في كتابه (الغيبة) في صدر الخبر ونسي صاحب التحريف آخر الخبر؛ فيروي الطوسي -بسندٍ غالبه رجال الكليني-، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُرِيِ‌، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ‌، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‌: ((إِنِّي وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَ أَنْتَ يَا عَلِيُّ زِرُّ الْأَرْضِ أَعْنِي أَوْتَادَهَا وَ جِبَالَهَا بِنَا أَوْتَدَ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي سَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ لَمْ يُنْظَرُوا)) [الغيبة:139]؛ فأول الخبر: ((وأحد عشر من ولدي وأنت يا علي)) فهؤلاء اثني عشر؛ ثمّ آخر الخبر بنفس خبر الكليني السابق: ((فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي)) ؛ فهؤلاء ثلاثة عشر مع أمير المؤمنين -عليه السلام-؛ فيد التحريف قد عمدت إلى النص ليتوافق وعقيدة الاثني عشريّة.

🟥– الوقفة الثالثة: في أصل (أبي سعيد العُصفري) المطبوع مع الأصول الستة عشر؛ من نسخ الوجادة؛ الذي لا يُعلم أنّه هو نسخة أبي سعيد العُصفري، والذي يطرقه الاحتمال: هل أُثرَ في كُتب الفهارس أنّ لأبي سعيد العُصفري أصلٌ؛ ثم قام أحدُ المتأخرين يتبرّع ويجمع أخبار أبي سعيد ليجمعَه في هذه النسَخة التي وقف عليها المتأخرون من الإمامية؛ إلى جانب أن راوي أصل أبي سعيد العصفري هو أحد مُعاصري ما بعد الغيبة وهُو أبو سمينة -وهو من أكبر الكذابين عند الإمامية-؛ فالخبرُ جاء في هذا الأصل بتحريف طرَفي الخبر صدرِه وآخره: عن عمرو، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (ع)؛ قال: قال رسول الله (ص): ((إني وأحد عشر من ولدي وانت يا علي زر الأرض اعني اوتادها جبالها و وقال وتد الله الأرض أن تسيخ باهلها؛ فإذا ذهب الأحد عشر من ولدي ساخت الأرض باهلها ولم ينظروا)) [الأصول الستة عشر:16].

🟥– الوقفة الرابعة: أن البعض أصبح يُعكّسُ فيجعل خبر الوجادة هو المفسّرُ المبينُ وأنّ التحريف قد وقعَ في رواية الكليني والطّوسي، وهذا تضعّف ونزولٌ في الاستقراء من الضعيف في الطريق إلى المُسند الثابتِ في الكُتب المروية لأصحابها المشهورة بين الإمامية -أعني الكافي والغيبة-؛ فأينَ المُرجِّحُ والمُرجَّحُ عليه هل رواية الكليني في الكافي والذي ترى الإمامية أن أحد مصادره أصل العُصفري، ثم كتاب الكافي محل عناية لفقهاء الإمامية، أم رواية الوجادة لذلك الأصل؟! فكيفَ لو اتّحدَت رواية الطوسي والكليني في جزء من الرواية خالفَت على جزءٍ من رواية وجادة العُصفري؛ بل إن هذا يقود الباحث إلى أن يضع أمام ناظره أنّ أصل العصفري قد جُمعَ في وقتٍ متأخّر وأنّ يد التحريف قد نالته كما نالت يد التحريف صدر رواية غيبة الطوسي؛ وإلا لزم التشكيك في أصالة الكافي في الأمانة وهو ينقل عن الأصول؛ ولكن كيف وقد شاركه الشيخ الطوسي في آخر الرواية؟! فأمّا المجلسي فإنّه عندما ذكر أصل العصفري كوجادةٍ فإنّه قال: (( ولعل أخباره تصلح للتأييد)) [بحار الأنوار:1/44]؛ فمرتبة هذا الأصل لا يُرجّحُ بها ولا يُتأيّدُ بها أمام مثل الكافي والغيبة والطوسي؛ فذلك تأييدٌ من الأدنى إلى الأعلى في الثبوت والإسناد؟!

🟥– الوقفة الخامسة: يؤيد ما سبَق ما ستقفُ عليه في الرواية الثانية من أخبار الثلاثة عشر إمامًا وستقفُ فيها على أن الكتب المُسندة الإمامية والتي هي محل شهرة عند الإمامية قد خالفت أصل العُصفري بما سيؤدّي إلى ذات النتيجة من أن هذا الأصل قد جُمع في وقتٍ مُتأخّرٍ واستُخرج بالتعكيسِ من أمثال كتاب الكافي أو كُتب الطوسي وغيره؛ لكن بإعمال التحريف الذي يوافق وعقيدة الاثني عشرية؛ كما وقفتَ على تحريفٍ تامٍّ في رواية الطوسي في الغيبة حيث نقضَ آخر الرواية -في الثلاثة عشر- أولها -في الاثني عشر-، وها ويلحظُ ناظرٌ إلى أننا لا نناقش على موضوع زياداتٍ في الأخبار أو اختصارٍ أو ما قد يجوز في مثله الوهم بين الرواة؛ بل نتكلم عن ألفاظٍ جوهريّةٍ متوجّهةٍ بيّنة في التحريف في الأخبار!

🟦– ثانيًا: رواية الكليني صحيحة الطريق عنده، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ [العصفري] رَفَعَهُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‌: (مِنْ وُلْدِيَ اثْنَا عَشَرَ نَقِيباً نُجَبَاءُ مُحَدَّثُونَ مُفَهَّمُونَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ يَمْلَأُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)) [الكافي:1/534]؛ فالخبر يدل على ثلاثة عشر؛ اثنا عشر من ولد رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- والثالث عشر هو أمير المؤمنين -عليه السلام-.

🟥– الوقفة الأولى مع الرواية الثانية: نجدُ فيها أن نسخة الوجادة لأصل العصفري ضمن الأصول الستة عشر؛ جاء فيها ما يخالف الرواية المسندة في الكتاب المشهور عند أصحابه -الكافي- ففي رواية أصل العصفري: عباد رفعه إلى أبى جعفر (ع) قال قال رسول الله (ص) : ((من ولدي احد عشر نقيبا نجيبا ( نقباء نجباء خ د ) محدثون مفهمون اخرهم القائم بالحق يملأها ( الارض خ د ) عدلا كما ملئت جورا)) [الأصول الستة عشر:15]؛ فأي الخبرين هو المُرجَّحُ في الثبوت؟! رواية الكتاب المُسنَد والمشهور -الكافي- أم رواية الوجادة والمغمور الذي لم يقف عليه إلا المتأخّرون -أصل العصفري-؟! بل يتقوّى لدى الناظر أن هذا التحريف الذي حصل في نسخة الوجادة بما يوافق وعقيدة الاثني عشرية في هذه الرواية إلى جانب التحريف الحاصل في الرواية الأولى؛ فإن النتيجة البحثية تتقوى في أن أصل عباد العصفري الوجادة مجموعٌ على يد أحد المتأخرين لا أنه ذلك الذي كان في زمن الكليني؛ ثم أعمَل المتأخر يد التحريف ليتوافق وقول الاثني عشرية.

🟥-الوقفة الثانية : نسوق فيه قول الشيخ الطوسي في ترجيح الأخبار على- بعضها؛ ليعلم ناظر أن وجادة أصل العُصفري التي وقف عليها المتأخرون لا تصلح بوجه أن تكون حاكمةً أو مبينةً لوجهٍ تحريفٍ وقع فيه الكليني في كتابه –وهذا فيشمل الرواية الأولى-؛ فكيف لو كان أبو سمينة أصلا ليس بثقة لا في إرسالٍ ولا في إسنادٍ؛ قال الطوسي: (وإذا كان أحد الراويين مسندا والاخر مرسلا، نظر في حال المرسل، فان كان ممن يعلم انه لا يرسل الا عن ثقة موثوق به فلا ترجح لخبر غيره على خبره، ولاجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبى عمير، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمد ابن أبى نصر، وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون الا عمن يوثق به وبين ما اسنده غيرهم، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم. فاما إذا انفرد وجب التوقف في خبره إلى أن يدل دليل على وجوب العمل به) [العدة في الأصول:1/154]؛ فأصل العصفري هذا الرواية فيها بتمامها مُنفردَة عن رواية الكليني؛ فكيف وهي وجادة، فكيف وهي عن أكذب الكذابين في زمانه –عند الإمامية- أبي سمينة؛ فيتفقه ناظر أن رواية الكليني مقدمة لا يُحكم عليه برواية الوجادة؛ إلا أن يكون المُوجّه هو القول المذهبي بالاثني عشر فذلك مصادرة لمن كان يعتقدُ في زمانٍ بالثلاثة عشر؛ فالموضوعان مختلفان في أصل الاختلاق!

🟥-الوقفة الثالثة: يتنبّه ناظرٌ إلى أنّنا أمام روايتين في الثلاثة عشر إمامًا -وستأتي البقية- وهذا يُدلّ على أصالة الخبر في الوضع والاختلاق وأن القضية ليست قضية تحريف من قِبل الرواة؛ فإذا تيقّن الناظر ذلك؛ فإنه بذات الأمر يعلم أنّ أصل خبر الاثني عشر الذي ترويه الإمامية كذلك مُختلقٌ لنفس الغاية المذهبية الذي اختلقَها أصحابهم أصحاب النص على الثلاثة عشر لا سيّما وقد اشتركوا في الزمن المتقدّم ما بعد سنة (260هـ) في قلّة المصدريّة التي تذكرُ الخبرَين: خبرُ الاثني عشر، وخبر الثلاثة عشر داخل تراث الإمامية؛ لأن ما هو مروي من طريق المُحدثين -الفرقة السنية- لا يشهدُ أبدًا لقول الإمامية في إمامة الاثني عشر وهذا فقد أثبتناه بتتبعٍ حثيث في كتابنا (الشامل في تأريخ ومدلول خبر الاثني عشر)؛ نعم، فإن الكثرة الكاثرة المصدرية في اختلاق خبر الاثني عشر في كتب الإمامية غنما كانت في مرحلة متأخرة من القرن الرابع ابتدأت هرميًّا وإلى ما بعدها بازدياد حتى ما يكاد يقف ناظرٌ إلا ويظنه من أعظم المعلومات الشرعية وقد رووه عن النواصب والواقفة والفطحية والزيدية وربما الخوارج في تكثّر وضعيٍّ اختلاقيّ رهيبٍ في الزمن الذي كان كبار سلفهم وخواص أئمتهم يجهلونه تمامًا، في الوقت الذي كانت التقية عندهم هي العاملة في غمور خبرهم في الاعتذار، وهذا فقمّة التناقض؛ ففي حقبةٍ بعد الحيرَة كان خبر الثلاث عشر في الاختلاق له أصالةٌ لعلها تفوقُ اختلاق خبر الاثني عشر إذا ما نظرنا إلى الروايات في هذه السلسلة، وإلى أن معظمها قد رواها الكليني.

… يتبع (2)

2 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر
https://wp.me/p3zlyI-4Wx

3 أنموذج على التحريف في خبر الثلاثة عشر
https://wp.me/p3zlyI-4WD