اضاءات زيدية

رواية صحيحة على مباني الإمامية في نصرة الإمام الصادق لابن عمه الإمام النفس الزكية محمد بن عبدالله

* روايةٌ صحيحَةٌ على مباني الإمامية في نُصرة الإمام الصّادق لابن عمّه الإمام النّفس الزكيّة محمد بن عبدالله -عليهم السلام- :

المَعلومُ من تراثِ أئمّة العترَة وسيرتِهم أنّ الإمام الصّادق جعفر بن محمّد -عليهما السلام- كان مُبايعاً مُناصراً لابن عمّه الإمام النّفس الزكيّة محمّد بن عبدالله بن الحسن -عليهم السّلام- ، وإن كانَ البعضُ يتضعّفُ لا يُفرّقُ بينَ إنكَارِ الإمامِ الصّادق -عليه السلام- على الدّعوة بعُنوان مهدويّة آخر الزّمان في ذلك الوقت لمكان عدم تحقّق إرهاصَاتٍ أخبرَ عنها رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ، وبين تأييدِه للخروجِ والدّعوة بالإمامَة العُظمَى في وجه الظّلمَة لتحقيق العَدل وتطبيق الشّرع ، فيفهمُ المُتضعّفون أنّ الإنكَارَ مُتوجّهٌ لذات الخُروجِ والدّعوة من حيثِ هي ، وهذا ليسَ قولُ الإمامِ أبي عبدالله جَعفر بن محمّد -عليهما السلام- ، وأيضاً هُو كان يرَى الإمام النّفس الزكيّة محمّد بن عبدالله -عليهم السلام- أهلاً للقيام والدّعوة والإمامَة إلاّ أنّه -من وحي بعض الرّوايات- كانَ يرَى أنّ والدَهُ شيخ آل الرّسول عبدالله بن الحسن بن الحسن -عليهم السلام- هُو الأفضلُ من ابنِه وأنّه -بحكم أنّه الفاضل- الأجدرُ بالدّعوة والإمامَة ، لذلكَ كانَ الإمام الصّادق -عليه السلام- عازماً على بيعتِه بالإمامَة العُظمَى لأفضليّته ، وهذا فمن روايَة الشّيخ المُفيد من الإماميّة ، فيقول الإمام الصادق : ((إِن كنتَ ترى ـ يعني عبدَاللهِ ـ أنّ ابنَكَ هذا هو المهديّ ، فليسَ به ولا هذا أوانهُ ، وان كنتَ إِنّما تريدُ أَن تخرِجَه غضباً للهِ وليأْمرَ بالمعروفِ وينهى عنِ المنكرِ ، فإِنّا واللهِ لا نَدَعُكَ ـ وأنتَ شيخُنا ـ ونبايع ابنَكَ فَي هذا الأمرِ)) [الإرشاد:2/192] ، فالإمامُ الصّادق -عليه السلام- لم يكُن اعتقادُه إمامَة نفسِه أو أنّه المنصوصُ عليه ، بل كانَ كسائر إخوته وبني عُمومته يرى بيعَة الإمام الدّاعي من بني الحسن أو الحسين مُكتمل الشّروط .

ثمّ لمّا كانَ أصلُ العترَة أنّ الفاضل إذا لم يقُم جازَ لمن دونَه في الفضل القيامِ والدّعوة ، فإنّ الإمام الصّادق حينها وعندما لم يدعُ الإمام المحض عبدالله بن الحسن -عليهم السلام- ، بايعَ ابن عمّه الإمام النّفس الزكية محمد بن عبدالله ، ويُقرّر ذلك ويُصحّحه شيخ آل الرّسول الإمام النّاصر الكبير الأطروش الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، (230-304هـ) ، قال : (( وَلَقَدْ كَانَ أَوَّلُ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنْ الْمُسَوَّدَةِ الفَجَرَةِ بَيْنَ يَدَيِّ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ الله بن الْحَسَنِ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ عليه السلام اشْتَرَكَ فِي قَتْلِهِ مُوسَى وَعَبْدُ الله ابْنَا جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) وَكَانَا حَاضِرَيْنِ مَعَهُ جَمِيعَ جِهَادِهِ حَتَّى قُتِلَ وَأَعْطَيَاهُ بَيْعَتَهُمَا مُخْتَارَيْنِ مُتَقَرِّبَيْنِ إِلَى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِذَلِكَ وَاسْتَأْذَنَهُ أبو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) لِسِنِّهِ وَضُعْفِهِ فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَنْزِلِهِ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مَعَهُ فَأَذِنَ لَهُ)) [تيسير المطالب في أمالي أبي طالب] ،

وكذلك روى أبو الفرج الأصفهاني قول الإمام الصّادق -عليه السلام- : ((رحم الله ابنَي هِند [يعني محمداً وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن] إنّهُمَا إن كانا لَصَابِرَين كَريمَيْن، وَالله لقد مَضَيا وَلَم يُصبهما دَنس)) ، وقال أيضاً : ((فمَا آسَى على شَيءٍ إلاّ عَلى تَرْكِي إيّاهُمَا لَم أخْرُج مَعهُما)) [مقاتل الطالبيين] .

ثمّ كذلكَ كانَ ربيبُ الإمام الصّادق -أعني الإمام الحسين بن زيد بن علي ، ذا الدّمعة- ، فإنّه كانَ كذلك مُناصراً مُبايعاً للإمام النفس الزكيّة وللدّعاة من آل الرّسول لم يكُن يعتقدُ نُصوصاً ولا وصاياً ، وكان على ميمنةٍ أو ميسرةٍ لبني عمّه ، أخذَ ذلك عن ابن عمّه ومُرَبّيهِ الإمامِ الصّادق -عليه السلام- ، ثمّ في الروّاية الصّحيحَة السّند حَسب مباني الإمامية ، ما يؤكّد ما سبقَ ، فلمّا كان اقتراب المعركَة يظهَر ، يروي الكشيّ ، حدثني محمد بن مسعود [العياشي] ، قال: حدثني عبدالله بن محمد [الطيالسي]، عن الحسن ابن علي الوشاء، عن إسماعيل بن عَبد الخالق، قال : قَال لِي حسين بن زيد : أرسَلنِي محمد بن عبدالله بن الحسن الي أبي عبدالله -عليه السلام- يَطلُبُ مِنه رَايَة رسُول الله -صلى الله عليه وآله- العقاب . فقالَ [أبو عبدالله]: يَاجَارِية هَاتِي)) [رجال الكشي:2/713] ، وهذه الراية يُروى أنّها من رايات الرّسول -صلوات الله عليه وعلى آله- في الحُروب .

فكانَ هذا من طريق الإمامية يؤكّد ما تعتقدُه الزيدية من ذلك المنهج الواحِد الجامِع لسادات آل الرّسول من بني الحسن والحسين -عليهم السلام- في الإمامة وسائر أصول الدّين ومسائل الفروع الجامعَة ، ثمّ في الرواية أنّ سيفَ ذا الفقار كانَ مع الإمام النفس الزكية -عليه السلام- .

قال الحافظُ الثّقة شيخُ الشّيعَة محمّد بن منصور المُرادي : حَدّثني عَبد الله بن محمّد [بن سليمَان بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طَالب ، عَن عَبد الله بن مُوسَى، عَن أبيهِ مُوسَى بن عَبد الله] : أنّه كَان حَاجّاً أو مُعتمِرَاً مَع أبيه عبد الله بن الحسن، فلمّا مَرّوا بِعِرْق الظَّبية، إذا بِجَعفَر بن محمّد جَالِسٌ فِي ظِلّ العِرْقِ، فَاتّكأ عبدالله بن الحَسن على جَناحِ المَحْمَل، ثمّ قَال: يَا جَعفَر بن محمّد. قال: لبيّك يَا أبَا محمّد، لا وَرَبّ هَذِه البَنيّةِ الحَرَام التي أنَا مُتوجِّهٌ إليهَا مَا الأمْرُ إلاّ الذي تَعْرِفُ، وَلا الدِّينُ إلاّ وَاحِدٌ ، وإنَّه لَيُكْذَبُ عَليّ كُلّ مَاتسمَع)) [أمالي الإمام أحمَد بن عيسى] .

أسعدَ الله بكُم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد …

أضف تعليق