سؤال وجواب

ما المقصود بجعل الله ابراهيم للناس إماما وهو نبي وهل مرتبة الإمامة اعلى من النبوة

كانَ السّؤال :

السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته أستاذي الكاظم الزيدي.سؤالي قال الله تعالى ( (وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)[سورة البقرة 124] ما المقصود انه جاعله للناس إمام وهو نبي وهل مرتبة الإمامة اعلى من النبوة؟

والجَواب :

أنّ هذه المسألَة من مسَائل الاصطفَاء والتّفضيل الإلهي للأنبياء وذريّاتهِم ، ونأتي بالجَواب عليهَا من عدّة مقدّمات يترتّب بعضها على بعضٍ ، وينبني بعضُها على بعضْ ، فليتنبّه لذلك السّائل ، ومنها :

المُقدّمة الأولى : أنّ للإمَامة عدّة معانٍ حسبَ مقامِها ، فمنَ الإمامَة إمامَة الصّلاة ، ومنَ الإمامَة إمامَة كُتب الله تعالى لأنبيائِه ، قالَ الله تعالى : ((وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً)) ، ومِنَ الإمامَة إمامَة الضّلال قال الله تعالى : ((وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ)) ، ومن الإمامَة إمامَة هدايَة ورشَاد وقيادَة وائتمَام بالحقّ ، قالَ الله تعالى : ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ)) .

المُقدّمَة الثّانية : بعد أن عرفَتَ أنّ للإمامَة عدّة معانٍ حسب مقامِهَا واستخدامِها ، فينبغي أن تعلَم أنّه يجوزُ أن نقولَ في أيّ شخصٍ يدلّ على الحقّ ويُرشدُ إليه بحيث يَقتدي به النّاس ، يجوزُ أن نقولَ عنه إمام ، فالمَعنى اللغويّ لكلمَة الإمامْ : هُو ((المُتقدّم فِي أمْر مِن الأمُور على وَجه يُقتدى به)) [الإصباح على المِصبَاح] ، ومنه يجوزُ أنّ نقولَ للعالِمِ إمام ، وكذلكَ الأنبياء فهُم يقتدي بهم النّاس ويتبّعونَهم فهُم أئمّة ، فنوحٌ (ع) إمَام ، وعيسَى (ع) إمَام ، ورسول الله صلوات الله عَليه وعلى آله إمَام ، لماذا ؟!. لأنّهم قُدوَات للنّاس يقتدونَ بهم ويتّبعونَهم ، فصحّ أنّ كلّ نبيّ إمَامْ ، وليسَ كلّ إمَام نَبي ، فمن العُلماء أئمّةٌ يَقتدي بهم النّاس إلاّ أنّهم ليسوا بأنبيَاء يُوحَى إليهِمْ ، فظهَر لكَ أنّ نوحاً (ع) نبيٌ يُوحَى إليه ، وإمامٌ يُقتدَى به ، ثمّ ظهَر لكَ أنّ عبدالله بن الحسَن المحض إمامٌ يُقتدى به في العلْم إلاّ أنّه ليسَ بنبيّ يُوحَى إليه .

المُقدّمَة الثّالثة : وفيهَا بعد أن عرفَت أنّ أنبياء الله تعالى أئمّةٌ بالمَعنى اللغويّ الذي هُو الاقتدَاء والاتّباع من النّاس لهُمْ ، فإنّ إبراهيم الخَليل (ع) بما أنّه صارَ نبيّاً ورسولاً لقومِه فإذا هُو إمامٌ لهُم ، كمَا موسَى ، وكمَا عيسى صلوات الله عليهِم أجمعَين . إلاّ أنه يأتي في السّؤال : فإذا كانَ إبراهيمُ إماماً لأجل نبوّته ، فلماذا نجدُ الله تعالى بعد نبوّته يُخصّصه بالإمَامة في قولِه تعالى : ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)) ، وهي (الإماَمة) حاصلةٌ له رأساً بمجرّد نبوّته ورسالتِه إلى قومِه ؟!. ما مَعنى هذا التّخصيص الإلهي والجعل للإمامَة في إبراهيم (ع) ؟!. نعم! تفّهم هذا السّؤال والتّفريقِ بين الإمامَة التي تطرأ رأساً مع النبوّة والرّسالَة ، وبينَ الإمامَة التي جعلَها الله تعالى لإبراهيم يخصّها بذكرِهَا بعد نبوّته ، نعم! تفهّمك وتفريقُك هُنا يُعدّ مقدّمةً مُنفردَة ، وفي المقدّمَة التّاليَة نأتي على الجَواب .

المقدّمة الرّابعَة : وفيها يجبُ أن تعلَم أنّه لا إمامَة لنبيّ على نبيّ في شريعتِه ، إلاّ مَنْ كان مُجدّداً شريعَة من كانَ قبلَه ، لا أنّه نبيّ رسولٌ برسالَة جديدَة ، فمثلاً نبيّنا الخاتَم صلوات الله عليه وعلى آله ليسَ مُؤتمّاً (في شريعتِه واتّباعِه) بالنّبي الذي سبقَه عيسَى (ع) ، فشرائعُ النّبي محمّد صلوات الله عليه وعلى آله في (القرآن) تختلفُ عن شرائع النّبي عيسَى (ع) في (الإنجيلْ) ، وكذلكَ نبيّ الله تعالى عيسَى المَسيح (ع) ليسَ مُؤتمّاً (في شريعتِه واتّباعِه) بالنّبي الذي سبقَه موسَى (ع) ، فشرائعُ النّبي عيسَى (ع) في (الإنجيل) تختلفُ عن شَرائع النّبي موسَى(ع) في (التّوراة) ، ومنهُ فإنّ موسَى (ع) إمامُ قومِه (قومٌ مخصوصون وهُم بنو إسرائيلْ) في شرائعِه ، وعيسَى (ع) إمامُ قومِه (قومٌ مخصوصون) ، ومحمّد صلوات الله عليه وعلى آله إمامُ قومِه (قومٌ مخصوصون وهُم من عاصرَه وجميع النّاس بَعدَه) ، فليسَ عيسَى إمامٌ محمّد ، بحيث يقتدي ويتّبع محمّد صلوات الله عليهِ وعلى آله عيسَى في شريعتِه بتمامِها ، وليسَ موسى إمامٌ عيسَى ، بحيث يقتدي ويتبّع عيسَى (ع) موسَآ في شريعتِه بتمامِها ، نعم! فظهَر لكَ أخي السّائل أنّ نبوّات وإمامات أولئكَ الأنبياء خاضعَة للتّشريعَات المُختلفَة (التّوراة ، والإنجيل ، والقُرآن) على أقوامِهم وعلى بعضهِم البَعْض ، لأنّ نبيّ الله تعالى هَارون مثلاً كانَ مًؤتمّاً بشريعَة موسَى (ع) ، وهُنا نحنُ نتكلّم في الائتمَام بالشّرائع لا بالولايَات من الأنبياء على بعضهِم البعْضْ ، نعم! فأمّا إمامَة إبراهيم (ع) فبعدَ أن ابتلاهُ الله تعالى بالابتلاءات العظيمَة ، فإنّ الله تعالى جعلَه إماماً قدُوةً يقتدي بشريعتِه ويتبّعه جميع النّاس من بعدِه ، جميعُ الأنبياء وأقوامِهم في تشريعاتِه ، وينتسبونَ إليه لمّا كانَت شرائعهُم التي أنزلَ الله عليهِم لا تُخالفُ على شريعتِه التي أنزلَ الله تعالى عَليه ، فإبراهيمُ (ع) بشريعِتِه إمامٌ لجميع الأنبياء والأقوامْ ، فسُننه لم تتغيّر من نبيّ إلى نبيّ ، بعكس ما قد نراهُ من سُنن في التّوراة ينسخَها الله تعالى بسنن الإنجيل ، وسنُن في الإنجيل ينسخها الله تعالى بسُنن القُرآن ، لذلكَ نجدُ أنّ أنبياء الله تعالى كلّهم ينتسبون إلى إبراهيم وشريعتِه ، بل ويتجادَلون ويتخاصَمونَ أيّهم أولَى بإبراهيم (ع) ، ولن تجدَ هذا منهُم مع اختلافِهم (اليهود والنّصارى ، والمُسلمون) إلاّ معَ نبيّ الله إبراهيم (ع) الكلّ يرى أنّ أولَى باتّباعِه في شريعتِه ، تأمّل هذه الآيَات لتعلَم ما معنَى الإمَامة التي جعلَها الله تعالى لإبراهيم الخَليل (ع) فزادَ بهذا عن الإمامَة الخاصّة بقومِه بدلالتهِم على الحقّ ، حتّى أصبحَت إمامته شاملةٌ عامّة جميع الأمَم الآتيَة بَعْدَه ، وهذا فيه رفعةٌ ومقامٌ عظيمٌ لنبيّ الله تعالى إبراهيم (ع) ، تأمّل قولَ الله تعالى يجعلُ ملّة إبراهيم علامَة للمُؤمنين : ((وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)) ، وهُنا تأمّل كيفَ يأمُر الله تعالى نبيّه محمّد صلوات الله عَليه وعلى آله بالحثّ على الكون على ملّة إبراهيم (ع) الحنيفيّة المُسلمَة : ((وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) ، فلمْ يقُل ملّة إسماعيل أو إسحاق أو نوحَ أو آدَمْ صلوات الله عليهِم أجمَعين ، بل ملّة إبراهيم إمامُ النّاس أجمَعين ((إنّي جَاعلُك للنّاس إمَامَاً)) ، وهُنا تأمّل كيفَ اليهودَ والنّصارى يُحاجّون في اتّباعِهم وأنّهم أولَى النّاس بإبراهيم ، وتأمّل كيفَ أنّ الله تعالى جعَل الأولويّة باتّباع إبراهيم هي لنبيّنا محمّد صلوات الله عليه وعلى آله ومَن اتبّعه من المُؤمنين ، كلّ يدلّ على مكانَة إبراهيم (ع) في الاقتَداء والاتّباع في نُفوس الأقوام اللاحقَة إلى يوم النّاس هذا ، وهُنا يأمُر الله تعالى بني إسرائيل من اليَهود بالعودَة إلى ملّة إبراهيم إن كانُوا صادقين في دَعواهم اتّباعه ، وذلكَ أنّ متى عادوا إلى ملّةإبراهيم (ع) صاَدقين دخلُوا رأساً في دَعوة نبيّنا الخاتَم صلوات الله عَليه وعلى آله ، وهُنا تأمّل تخصيص الله تعالى إبراهيم (ع) بالذّكر دوناً عن موسَى ، وعن يوسُف ، وعن يعقوب ، وإسحَاق ، قالَ الله تعالى : ((قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) ، فهذا هُو المعنى لإمامَة لإبراهيم (ع) على جميع النّاس ، فهُو قد أصبحَ بشرائعِه قدوةً لجميع الأمم الآتيَة من بعدِه فضلاً من الله تعالى ما أتّم من الكلمَات والبَلوى ، وقول الله تعالى : ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)) ، وهذه الآيَة أدلّها على المُراد قول الله تعالى يُعلّم نبيّه محمّد صلوات الله عليه وعلى آله أعلميّة ملّة إبراهيم وأنّها هي الدّين القيّم وأنّ رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله عليهَا : ((قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) ، نعم! وهُنا تنبّه أنّ الله تعالى لم يُقل ملّة عيسَى أو موسَى أو إسمَاعيل ، بل خصّ الله تعالى مَن جعلَه إماماً لجميع النّاس في طريقتِه وشريعتِه وملّته ومنهاجِه ، فالملّة المِنهاجْ والشّريعَة والطّريقَة ، وفي فضل إبراهيم الخَليل (ع) يقول الله تعالى : ((إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) ، نعم! فظهَر لكَ أخي السّائل من هذا الكَلام الجَواب على السّؤال في المقّدّمة القريبَة ، فإمامَة إبراهيم (ع) التي صاحبَت النبّوة والرّسالة والتي هي حظّ جميع الأنبياء ، أنّه أصبحَ دليلاً لقومِه المخصوصين (مَنْ أُرسِلَ فيهِم) يهديهِم للحقّ والهُدَى والرّشَاد ، وإمامَة إبراهيم (ع) التي جعلَها الله تعالى له على النّاس مُكافئةً على إتمام ما ابتلاهُ به ، فهي الإمامَة على جميع النّاس ، بمعنى يقتدي بك من يأتي بكَ منْ بعدُك وتكون ملّتك هي الملّة التي إليهَا تمتدّ أعناقُ المُختلفين ، وكلّ الأنبياء من بعدِكَ فعلى ملّتك وطريقتِكْ ، فهذه هي الإمامَة في قولِ الله تعالى : ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)) . فائدَة : فإن قيل ولكنّ نبيّ الله يوسف (ع) أخبرَ أصحاب السّجن بأنّه يتبّع ملّة إبراهيم (ع) ثمّ ذكرَ بقيّة آبائه مع إبراهيم (ع) فما وجُه ذلكْ ، قال الله تعالى : ((وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ)) ؟!. فنقول : أنّه قد ظهرَ لكَ من آيات كثيرَة من أمر الله تعالى لنبيّنا محمّد صلوات الله عليه وعلى آله في شأنِ ملّة إبراهيم يُفردُها الله بالذّكر ، وكذلكَ قول اليَهود والنّصارَى في كونِهم الأولَى بإبراهيمْ ، نعم! والذي يظهَر بأنّ قولَ يوسف (ع) هُو من باب تَعريف أصحاب السّجن بدينِه ، ومن باب الإعلام بأولئكَ الأنبياء السّابقين ، فهُو كان يُعلّم ويُفقّه النّاس في السّجن ، والله أعلَمْ . نعم! وفائدَةٌ أخرَى : فإنّ ملّة إبراهيم (ع) داخلةٌ في مِلل(تشريعَات) الأنبياء الذين أتوَا بعدَه ، فالتّوراة تضمّنت ملّة إبراهيم ، والإنجيل كذلك ، والقُرآن ، فمن قال أنّه يتبّع ملّة إبراهيم ويكُفر بموسَى (ع) فما اتّبعَ ملّة إبراهيم ، لأنّ من ملّة إبراهيم اتّباع أوامرِ الله تعالى وطاعَة أنبيائِه ، وموسَى نبيّ ، وكذلكَ حال من لم يُؤمن بعيسَى (ع) ، ومن لم يُؤمِن بسيّدنا محمّد صلوات الله عَليه وعلى آله ، ولذلك يقول الله تعالى : ((إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)) .

المقدّمة الخامسَة : وفيه نبيّن أن وجه الجَواب على سُؤال السّائل قد سبقَ في المقدّمات السّابقَة ، تبقّى هل الإمامَة أرفع درجَة من النبوّة ؟!. والجَواب أنّ الإمامَة ليسَت أرفع درجةً من النبوّة ، وهذا إجمَاع العترَة الفاطميّة ، نعم! فأنتَ قد علمتَ أنّ كلّ نبيّ إمَامْ ، وليسَ كلّ إمامٍ نبيّ ، وعرفتَ أيضاً أنّ تلكَ المنزلَة والإمامَة على النّاس التي جعلَها الله تعالى لإبراهيم هي ميزةٌ اختصّ الله تعالى بهَا إبراهيم الخَليل (ع) في تشريعِه وملّته واقتدَاء من يأتونَ بعدَه بملّته . نعم! ولعلّني أكتفي بهذا القدر من الجَواب حيث أنّه محلّ سؤال السّائل ، وإلاّ فإنّ للمسألَة تفصيلٌ آخَر في جانب الإمامَة للذريّة قولُ الله تعالى : ((قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) ، هَلْ إمامَة الذريّة مِنْ جِنْسِ إمامَة إبراهيم (ع) ؟!. وهل إمامَة الذريّة إمامةٌ سبقَتها نبوّة كما أنّ تلكَ الميزَة لإبراهيم (ع) بالإماَمة كانت بعدَ النبوّة وبعد الإمامَة المُصاحبَة للنبوّة عادةً ؟!. وهل الإمامَة للذريّة يترتّب عليها عِصمَة ؟!. وما مكان قول الله تعالى واشتراطُه : ((لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) من الإمامَة للذريّة ؟!. ، كلّ هذه الأسئلَة لم يدخُل يفها سُؤال السّائل ، وقد كنّا فصّلناها بإسحَاب في مبَحثِ (اصطفَاء أهل البيت في كتاب الله تعالى) ، ومَبحَث (حِوار شيّق حول دلائل الإمامَة من القرآن الكَريم) ، فنُحيل المهتمّ إليهَا ، والأصل كُتب أئمّة العترَة صلوات الله عليهِمْ .

نعم! بهذا ومَا مضَى تمّ الجواب على السّؤال ، والحمدلله .

وفّقكم الله .

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد ..

أضف تعليق