سؤال وجواب

هل حادثة المعراج ثابتة عند الزيدية

كان السّؤال :

يا سيّدي قرأتُ في التيسير في التفسير للسيّد العلاّمة بدرالدّين بن أمير الدّين (ع) كلاماً يخصّ المعراج ، فهل هذا يعني أنّه ينفي حادثَة المِعراج ، هذا كلامه ، قال : ((وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} هذه ليست هي النـزلة الأولى، بل قد نزل إليه جبريل (عليه السلام) مرة أخرى. (14) {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} رآه عند {سِدْرَةِ} والسدرة: شجرة العلب يسمى ثمرها الدوم أو النبق {الْمُنْتَهَى} لعله منتهى جبريل حين نزل إلى الأرض هذا أقرب عندي، وكأن الآخرين من المفسرين اعتمدوا روايات غير موثوقة حين جعلوا سدرة المنتهى شجرة فوق السبع السموات؛ لأنه قال: ]نَزْلَةً أُخْرَى[ فصرح بالنزلة، وكذلك اعتمدوا في تحديد مكان السدرة على روايات في تفسير قوله: (15) {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} فجعلوا الجنة حقيقة هناك فوق السبع السموات، لكن الجنة عرضها السموات والأرض فكيف يمكن تحديدها بأنها هي عند سدرة المنتهى، لا أن سدرة المنتهى عندها! هذا بعيد، وعندي أن المقصود أن هذا الوحي الذي جاء به جبريل حين نزل فكأنه جاء بالجنة لأنه جاء بتعريف طريقها وتعليم أسبابها مثل ما قال في الحديث: ((الجنة تحت ظلال السيوف)) ((الجنة تحت أقدام الأمهات)) بمعنى سبب الجنة، كما يبعد أن تكون بمعنى بستان في مكان ما في الدنيا، وكذا كونها جنة مؤقتة في السماء تستقر فيها أرواح الأنبياء والشهداء لأنه قال جنة المأوى ولا من جنة مأوى إلا المعهودة التي قال في (سورة النازعات): ]فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى[ [آية:41] والله أعلم. (16) {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} اذكر.. وذلك عند نزول جبريل (عليه السلام) وحين غشي السدرة من البركات والخير والهدى والنور شيء عظيم مع نزوله على السدرة على ضخامته وعظمه)) .

والجَواب :

أنّ كلام السيد العلامة بدرالدّين بن أمير الدّين (ع) في التيسير لا يلزمُ منه نفي المعراج مُطلقاً ، وإن كانَ في الإطلاق قد يُطلق الإسراء بمعنى المعراج ، وإنّما كلام العلاّمة البدر هُو عن خصوص قضيّة الرّؤية عند سدرة المُنتهى ، فهُو يتكلّم عن ماهيّة تلك السّدرة ، وماهيّة النزلَة ، هل في الأرض أم في السّماء ، وترجيحُه أنّها ليست في السّماء فهذا لا يعني أنّه ينفي حادثة المعراج رَأساً ، لأنّ البعض قد يتكلّم عَن بعض تفاصيل المعراج بالنّفي ولا يعني هذا أنّه ينفي كلّ حادثة المعراج ، ولذلك تجدُ العلاّمة بدرالدّين بن أمير الدّين (ع) يحتجّ على مقبل الوادعي في كتابه (الغارة السريعة في الردّ على الطليعَة) بإثبات المعراج وأكلِ رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله من تفّاح الجنّة ، فيقول في ذلك السّياق : ((ﻭﻣِﻦَ اﻟﻌﺠﻴﺐ اﻋﺘﺮاﺽ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﺮﻭاﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺜﺒﺖ اﻹﺳﺮاء اﻷﻭﻝ، ﺑﺄﻥ ﻓﺮﺽ اﻟﺼﻼﺓ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﻠﺔ اﻹﺳﺮاء، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺒﻞ اﻟﻮﺣﻲ؟! ﻭﻫﺬا ﻟﺠﺎﺝ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻌﺼﺐ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬا اﻹﺳﺮاء ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﻓﻴﻪ ﻓﺮﺽ اﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻓﺮﺽ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ اﻹﺳﺮاء اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﻓﺮﺿﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﺳﺮاء اﻷﻭﻝ، ﻭﻻ ﺗﻼﺯﻡ ﺑﻴﻦ اﻹﺳﺮاء ﻭﻓﺮﺽ اﻟﺼﻼﺓ، ﻭاﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺄﻥ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﺮﺿﺖ ﻟﻴﻠﺔ اﻹﺳﺮاء، ﻻ ﻳﻌﻨﻮﻥ اﻹﺳﺮاء اﻷﻭﻝ، ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺭاﺩﻭا ﻟﻴﻠﺔ اﻹﺳﺮاء اﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺑﻌﺪ اﻟﺒﻌﺜﺔ)) اهـ كلامُه ، فيتأمّله النّاظر فهُو (ع) يُشيرُ إلى أكثر من إسراءٍ إلى السماء (المعراج) ، إسراءٌ أوّل ، وإسراءٌ فُرضَت فيه الصّلاة كما هي الرّوايات عن أئمّة العترة (ع) ، فيتنبّه لذلك الباحث والنّاظر ، فلا يَعني نفي بعض أحداث المعراج أنّ النّافي ينفي نفياً مُطلقاً ، كمن يقولُ أنا أؤمنُ بإسراء النّبي صلوات الله عليه وعلى آله إلى المسجد الأقصَى ولكن أنفي كذا وكذا من صفَة ذلك الإسراء والانتقال الذي جاء في الرّوايات ، وكقول البعض نحن ننفي أن يكون المهدي قد وُلِدَ في القرن الثالث الهجريّ كما تقول بعض طوائف الشيعة ، ولكنّنا نُؤمنُ بأنّه سيكونُ هُناك مهديٌّ في آمر الزّمان يُولَد وينشرُ الله على يديه الحقّ والهُدَى ، فالنّفي لبعض القضايا لا يعني نفيها مُطلقاً ، وهذا كلامُ الإمام نجم آل الرّسول وترجمان الدّين القاسم بن إبراهيم (ع) نأتي به للفائدَة ، فقال (ع) في الآية التي جاءت في التيسير من سؤال ابنه محمّد له :

((ﻭﺳﺄﻟﺘﻪ [أي الإمام محمد بن القاسم] ﻋَﻦ ﻗﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: “ﻭﻟﻘﺪ ﺭَءاﻩ ﻧَﺰﻟﺔ ﺃﺧﺮَﻯ ﻋﻨﺪ ﺳﺪﺭﺓ اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺟﻨﺔ اﻟﻤَﺄﻭﻯ ﺇﺫ ﻳﻐﺸﻰ اﻟﺴﺪﺭﺓ ﻣﺎ ﻳﻐﺸﻰ ﻣﺎ ﺯاﻍ اﻟﺒﺼﺮ ﻭﻣﺎ ﻃﻐﻰ” ، ﻓﻘﺎﻝَ [أي الإمام القاسم بن إبراهيم] : ﺟِﺒﺮﻳﻞ اﻟﺬﻱ ﺭَءاﻩ ﻣﺤﻤّﺪ ﻧَﺰﻟَﺔ ﺑَﻌﺪ ﻧﺰﻟَﺔ ﻓﻲ ﺻُﻮﺭﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬَﺎ ﺻُﻮﺭﺓ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﺮَﻩ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ إلاّ ﻣَﺮّﺗﻴﻦ ﻣَﺮﺓ ﻳَﻮﻡ ﺃُﺣﺪ ﻭﻣﺮﺓ ﻋﻨﺪ ﺳِﺪﺭَﺓ اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﺣِﻴﻦ ﺃﺳﺮﻱ ﺑﻪ ، ﻭَﺳِﺪﺭَﺓ اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﻓَﻬﻲ ﺃﻋﻼ ﻋﻠﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺴّﻤَﺎء اﻟﺴّﺎﺑﻌَﺔ)) [مجموع كُتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم] .

– وقال الإمام نجم آل الرّسول القاسم بن إبراهيم (ع) في موضعٍ آخَر : ((ﻭﻟﻘﺪ ﺭﺁﻩ ﻧﺰﻟﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻨﺪ ﺳﺪﺭﺓ اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ) ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺟﻨﺔ اﻟﻤﺄﻭﻯ ﻓﺸﻬﺪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺭﺃﻯ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻮﺭﺓ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﺣﻴﻦ ﺩﻧﺎ ﻓﺘﺪﻟّﻰ ﻭﻋﻨﺪ ﺳﺪﺭﺓ اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﻭﺳﺪﺭﺓ اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﻓﻬﻲ ﺃﻋﻼ ﻋﻠﻴﻴﻦ ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺟﻨﺔ اﻟﻤﺄﻭﻯ ﻓﻲ ﺃﻋﻼ ﻋﻠﻴﻴﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ، ﻭﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﺣﺠﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﺃﺳﺮﻯ ﺑﻌﺒﺪﻩ ﻟﻴﻠﺔ ﺇﺳﺮاﺋﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ، اﻟﺘﻲ ﻓﻮﻗﻬﺎ ﺳﺪﺭﺓ اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﺣﺘﻰ ﺭﺃﻯ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻧﺰﻟﺔ ﺃﺧﺮﻯ)) [مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم] ، فقولُه نزلة أخرى أي مرّة أخرى)) .

نعم! ونُشيرُ إلى قضيّة مُهمّة قبل أن نختم الجواب ليبتعد النّاظر عن المُراهقة والمُفاحلَة بين أقوال أئمّة العترة (ع) والتعصّب فالتّفريق ، وهي التنبّه لمنهجٍ في تأويل الأئمّة والأعلام لآيات القرآن الكَريم ، وهُو أنّ بعض الآيات قد تحتملُ وجوهاً في التأويل ، ومن قالَ بأيّها فهذا لا يعني أنّ هُناك اختلافاً يعني جهل الآخَر ، أو فسقَه ، أو تضليلَه ، أو تكفيرَه ، أو جعل القضيّة قضيّة مُراشقَة بينَ المُسلمين ، هذا يقولُ قال فُلانٌ ، وذاكَ يقول قال فُلان ، بتعصّب ، بل في هذا النّوع من المسائل التي تحتملُ ، فيكفي أن يقول القائل : لكلّ نظرهُ وتأويلُه وكلّهم أهل فضلٍ وعلم ، وللنّاظر المُتدبّر نظرُه ، فليست المسألَةً ممّا يُتوجّه إليه تراشقٌ وتسفيهٌ وإحداث زوبعَةٍ خلافيّة .

والزيديّة فهُم أتباعُ أهل البيت عُموما ، فما أجمَعوا عليه فلا يسعُ أحدٌ مُخالفته ، وما اختلفوا فيه فللنّاظر نظرُه بأيّ الأقوال قال فخيرٌ إن شاء الله يستصحبُ أن يشهدَ له العقل والقرآن والسنّة ، فليست الزيدية تتبع واحداً من أئمّة أو أعلام أهل البيت (ع) دونَ الآخرين ، ولا تُفرّق الزيدية بين أعلام آل محمّد وإنّما ذلك فعلُ الرّافضة ، يقولون نتبّع فلانا ونتركُ فلاناً وفُلاناً !.على أنّني لم أقف فيما وقفتُ عليه واجتهدت أحداً من أئمّة وعلماء العترة ينفي حادثة المعراج وقد فصّلنا ذلك في جوابٍ غير هذا ينظرُه المهتمّ .

وهذا رابطُ مهمّ لسيّدي العلاّمة عبدالرحمن الشرفي فيه تمامُ كلام السيد العلامة بدرالدين بن أمير الدّين (ع) في الغارة السّريعَة يتأمّله المهتمّ .

https://www.facebook.com/abomahammod/posts/2286220724985298

أسعدَ الله بكم

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّ وعلى آل محمّد …

___________________________

كان السّؤال :

هل حادثة المعراج ثابتة عند الزيدية ؟!.

والجَواب :

أنّ الذي يظهَر هو إثباتُ حادثَة المِعراج ، وتفاصيلُ ما حَكتهُ الرّوايات عن ذلك المِعراج يجبُ أن يُتعامَل مَعه حسب الرّوايات فمَا كان منهُ غير مُستقيم مُصادم لأدلّة أقوَى فإنّه لا يُعمَل به ، فالبعض قد ذهبَ من تلكَ الحادثَة أنّ الرّسول صلوات الله عَليه وعلى آله قد رأى ربّه عزّ وجلّ رؤيا العَيان وذلكَ لا يصحّ بأدلّة العُقول وُمحكمَات القُرآن ، نعم! والذي وجدتُه في كُتب أصحابِنا جُملةٌ صالحَة من الرّوايات لمعراج رسول الله صَلوات الله عَليه وعلى آله ، منهَأ ما وراه الحافظُ أبو عَبدالله العلويّ ، بإسنادِه ، عن محمّد بن بِشر ، قال : جَاء رجلٌ إلى محمد بن الحَنَفِيَّةِ ، فقالَ لَه: بَلغنا أَنَّ الأذانَ إنما هو رؤيا رآها رجلٌ من الأنصار، فقَصَّها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، فأمرَ بلالاً فأذَّنَ بتلك الرؤيا!. فقال له محمدُ بن الحنفية: إِنَّما يقول بهذا الجاهلُ من الناسِ، إِنَّ أمرَ الأذانِ أعظمُ من ذلك، إنَّه لما أسري برَسُول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم؛ فانْتُهِيَ به إلى السّمَاء السّادِسة، جَمع اللّه له ما شاء مِنَ الرُّسل والملائكة، فنزلَ مَلكٌ لَم يَنزل قبل ذلك اليوم ، عَرفتِ الملائكةُ أَنَّه لَم يَنزل إلاّ لأمرٍ عَظِيم، فكانَ أوّلُ ما تكلم به حِين نزَل، قال: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ… إلخ الرّواية)) [الأذان بحيّ على خير العمَل] ، وقالَ الحافظ محمّد بن منصور المُرادي عن هذه الرّواية أنّها حَقّ [الجَامع الكافي في فِقه الزيديّة] ، وقالَ الإمَام المؤيّد بالله يحيى بن حمزَة (ع) أنّ وجه هذه الرّواية هي مِنْ مُعتمَد القاسميّة من الزيديّة في إثبات الأذان بحيّ على خير العمَل [الانتصَار] ، نعم! والقولُ بإثبات المِعراج ظاهر قولِ الإمَام المَهدي أحمد بن يحيى المرتضى (ع) ، والإمَام عزالدّين بن الحسَن (ع) [كتاب المِعراج ، البَحر الزخّار] ، وظاهرُ قولِ الإمَام الهادي بن إبراهيم الوَزير (ع) ، قالَ : (((وَروينا أنّ رَسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلَة المِعرَاج نَاولَه رِضوَان تفّاحة، فَتناولها، وخُلِقَت فَاطِمَة عَليها السلام مِنهَا: حتّى كَان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إذَا اشتقت إلى الجنّة، قَبّلتُ شَفَتَيهَا فَأجِدُ فِيهَا رَائحَة الجنّة، وَهِي حُوريّة إنسيّة)) [نهاية التنويه في إزهاق التمويه] ، وقريبُ منه في مناقب أمير المُؤمنين ، نعم! وهُو أيضاً (إثبات المِعراج) ظاهرُ قول أبي القَاسم البستيّ رحمَه الله [المَراتب] ، وظاهر قول الإمَام المنصور بالله عبدالله بن حمزَة (ع) [الشّافي] ، وظاهرُ قول العلاّمة الآنسيّ رحمَه الله [تفسير الأعقَم] ، وروايةُ الحافظ محمّد بن سليمان أنّ رسول الله صلوات الله عَليه وعلى آله رأى مكتوباً في الجنّة ((لا إلَه إلاّ الله محمّد رَسُول الله أيّدتُه بِعَلِي ونَصرتُه بِه)) [مناقب أمير المُؤمنين] ، وروى العلاّمة العنسي أنّها ليلَة السّابع والعشرين من شَهر رجَب وروى لهَا صلاةً ، قالَ : ((وليلة سَبع وعشرين من هذا الشهر هِي لَيلة المِعرَاج وفيهَا صَلاة مَأثورة عَن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قَال: ((للعَامل فيها حَسنَات مَائة سنَة، ومَنْ صَلّى فيِها اثنتَي عَشرَة رَكعَة يَقرأ فِي كُلّ رَكعَة فَاتِحَة الكِتَاب وسُورَةً مِنَ القُرآن يتشهّد فِي كُلّ رَكعَتين ويُسلِّم فِي آخِرهِنّ، ويَقُول: سُبحَان الله والحَمدُ لله ولا إلَه إلا الله والله أكبَر مَائة مرّة، وَيستغفر الله مَائة مَرّة، ويُصلّي عَلى النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم مَائة مَرّة ويَدعو لنَفسِه مِن أمور دُنياه وآخرَته ويُصبح صَائما فإنّ الله يَستجيب دُعَاؤه كلّه إلاّ أن يَكون فِي مَعصيَة)) [الإرشاد إلى نجَاة العباد] ، وهو ظاهرُ قول الإمَام المؤيّد بالله يحيى بن حمزَة (ع) ، قال : ((وَعَن رَسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أنّه رَأى جِبريل ليلَة المِعرَاج ولَه سِتّمَائة جَناح)) [الدّيباج الوضي] ، وهُو الظّاهر من قول الإمَام محمّد بن علي السّراجي (ع) [جَوابات مَسائل وردَت إليه] ، نعم! ثمّ طريقٌ آخَر لمُناقشَة وإثبات حادثَة المِعراج عندَ أهل العِلم هي من قول الله تعالى : ((وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى)) [النجم:13-15] ، وهي في رؤيَة النّبي صلوات الله عَليه وعلى آله ، فيروي الحافظ أبو عَبدالله العَلوي ، بإسنادِه ، عَن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: سمعت رسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يقول: (( لما انْتُهيَ بي إلى سِدْرَة المنتهى فرأيتُ مِنْ جِلاَلِ اللّه ما رأيتُ . قال لي: يامحمّد، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ. قلت: يارب وماخيرُ العَمَلِ ؟ قال: الصَّلاَةُ قربان أمَّتِك، … الخبَر)) [الأذان بحيّ على خير العمَل].

نعم! ولغير الزّيديّة في حادثة المِعراج روايَة ، وذلكَ مقدورٌ لله تعالى بلا شكّ ، وقد سمعتُ سيّدي العلاّمة أحمد درهم حوريّه حفظهُ الله وأبقاهُ على الخير يقولُ بما معنَاه ، أنّ حادثَة المِعراج عليهَا مدارُ كلامٍ بين عُلماء الأمّة ، وإنّما ما لا ينبغي الخلافُ عَليه هُو حادثَة الإسرَاء إلى المسجد الأقصَى فذلك صَريح القرآن . نعم! ثمّ لَم أقِف فيما وقفتُ عليه من أقوال الأئمّة وعُلماء الشّيعَة مَنْ أنكرَ حادثَة المِعراج ، نعم! والمسألَة بين الأصوليين قد تُتناوَل من وجهٍ آخَر وهُو خَلق الجنّة والنّار ، فتأمّل.

وفّقكم الله .

اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد …

أضف تعليق